الرمايا جمع الرمية وهو كل ما يرمى من غرض أو صيد يعني أن أصاب رميته بسهمه فلا عجب فإنه لا يخطى بسهم ظنه الغائب عنه أي أنه صائب الفكرة.
[إذا نكبت كنانته استبنا ... بأنصلها لأنصلها ندوبا]
روى ابن جنى نكتت أي قلبت على رأسها يقال للفارس إذا رمى عن فرسه فوقع على رأسه نكت فهو منكوت وقال ابن فورجة هذا صحيح في الفارس والمعهود في الكنانة نكبتها قال ابن دريد نكبت الإناء انكبه نكبا إذا صببت ما فيه ولا يكون للشيء السائل إنما يكون للشيء اليابس واستبنا تبينا ورأينا والندوب الآثار يقول إذا صبت كنانته رأينا لنصوله آثارا في نصوله لأنه يرميها على طريقة واحدة فيصيب النصول بعضها بعضا.
يصيب ببعضها أفواق بعضٍ ... فلولا الكسر لاتصلت قضيبا
يصيب ببعض سهامه أو نصوله أفواق السهام التي رماها فلولا أنه يكسرها لاتصلت السهام حتى تيصير قضيبا مستويا.
بكل مقوم بدل من قوله ببعضها وعني بالمقوم سهما مستويا لا يعصيه فيما يأمره به من الإصابة حتى ظنناه عاقلا لطاعته له.
[يريك النزع بين القوس منه ... وبين رميه الهدف اللهيبا]
يريد بالنزع جذب الوتر وقوله منه أي من المقوم والرميّ المرميّ وهو الهدف يقول إذا جذب الوتر ورمى السهم رأيت بين قوسه وهدفه نارا والعرب إذا وصفت شيئا بالسرعة شبهته بالنار ومنه قول العجاج، كأنما يستضرمان العرجفا، وذلك أن حفيف السهم في سرعة مروره يشبه حفيف النار في التهابها ويروي وبين رميه بالهاء والهدف خفض على البدل منه.
[ألست ابن الأولى سعدوا وسادوا ... ولم يلدوا امرأ إلا نجيبا]
يقول ألست ابن الذين كانوا سعداء بما طلبوا فكانوا سادةً منجبين لم يلدوا إلا نجيبا وهذا استفهام معناه التقرير كقول جرير، ألستم خير من ركب المطايا، وأندى العالمين بطون راحِ، أي أنتم كذلك.
ونالوا ما اشتهوا بالحزم هوناً ... وصاد الوحش نملهم دبيبا
أي ادركوا ما تمنوا بحزمهم على رفق وتؤدة وادركوا المراد الصعب البعيد بأهون سعي جعل الوحش مثلا للمطلوب البعيد ودبيب النمل مثلا لسعيهم هونا وإنما ذلك لحزمهم ولطف تأنيهم
[وما ريح الرياض لها ولكن ... كساها دفنهم في الترب طيبا]
يقول إن الذي يشم من روائح الرياض ليس لها في الحقيقة ولكنه شيء اكتسبته واستفادته من دفن ابائه في التراب
[أيا من عاد روح المجد فيه ... وصار زمانه البالي فتشيبا]
قال ابن جنى معناه أن روح المجد انتقل إليه فصار هو المجد على المبالغة وقال غيره معناه يا من عاد به روح المجد في المجد يعني أن المجد كان ميتا فعاد به حيا وعاد الزمان الذي كان باليا جديدا به
تيممني وكيلك مادحاً لي ... وأنشدني من الشعر الغريبا
سمعت الشيخ أبا المجد كريم بن الفضل رحمه الله قال سمعت والدي أبا بشر قاضي القضاة قال انشدني أبو الحسين الشامي الملقب بالمشوق قال كنت عند المتنبي فجاءه هذا الوكيل فانشده هذه الأبيات، فؤاددي قد انصدع، وضرسي قد انقلع، وعقللي لليللي، قد انهوى وما رجع، يا حب ظبي غنجج، كالبدر لما أن طلع، رأيته في بيته، من كوةٍ قد اطلع، فقلت تِهْ تِهْ وتِهْ، فقال لي مر يا لكع، هاتِ قطع ثم قطع، ثم قطع ثم قطع، وضع بكفي ففي، حتى أدعك بضعضعْ، فهذا الذي عناه المتنبي بقوله وأنشدني من الشعر الغريبا.
فآجرك الإله على عليلٍ ... بعثت إلى المسيح به طبيبا
يقال أجره أجرا وآجره يؤاجره مؤاجرة وإجارا جعل نفسه كالمسيح وهذا الوكيل كالعليل ولا حاجة بالمسيح إلى الطبيب سيما إذا كان عليلا فإنه كان يحيى الموتى ويداوي الأكمه والأبرص.
ولست بمنكرٍ منك الهدايا ... ولكن زدتني فيها أديبا
فلا زالت ديارك مشرقاتٍ ... ولا دانيت يا شمس الغروبا
يقول لا زالت ديارك مشرقة بنورك فإنك فيها شمس ولا كان لك غروبا وكني بالغروب عن موته لما جعله شمسا
[لأصبح آمنا فيك الرزايا ... كما أنا آمن فيك العيوبا]
أي كما أنا آمن ان لا يصيبك عيب آمن أن لا أصاب فيك بمصيبة.
وقال يمدحه أيضاً
أقل فعالي بله أكثره مجد ... وذا الجد فيه نلت أو لم أنل جد