يقول أنا في خجلة من الناس لاعراضك عني فصرت كأني أموت خجلا وأحيا مرارا لأن الخجلة كانت عارضةً إذا زالت حييت وإذا عادت صرت كالميت
[أسارقك اللحظ مستحييا ... وأزجر في الخيل مهري سرارا]
أي أنظر إليك مسارقة وحياء منك ولا أرفع صوتي
[وأعلم أني إذا ما اعتذرت ... إليك أراد اعتذاري اعتذارا]
أي أن اعتذرت إليك من غير جناية كان ذلك كذبا والكذب مما يعتذر منه وقال ابن جنى أي اعتذاري من غير ذنب شيء منكر ينبغي أن اعتذر منه لأنه في غير موضعه.
[كفرت مكارمك الباهرات ... إن كان ذلك مني اختيارا]
أي جحدت ما لك من المكارم الظاهرة إن كان ترك المدح وتأخير الشعر اختيارا مني
[ولكن حمى الشعر إلا القلي ... ل هم حمى النوم إلا غرار]
يقول منعني الهم الشعر وإن أنشئه إلا القليل منه أي قطعني عن النوم والشعر جميعا
[وما أنا أسقمت جمسي به ... ولا أنا أضرمت في القلب نارا]
هذا اعتذار مما عرض له من الهم الذي أسقم جسمه وأوقد في قلبه نارا بحرارته وكان سبب انقطاعه عن الشعر يقول لم أفعل ذلك أنا
[فلا تلزمني صروف الزمان ... إلى أساء وإياي ضارا]
وعندي لك الشرد السائرا ... تُ لا يختصصنَ من الأرض دارا
الشرد جمع شرود يعني القصائد والقوافي التي لا تستقر في موضع واحد بل تسير في البلاد والآفاق.
قوافٍ إذا سرن من مقولي ... وثبن الجبال وخضن البحارا
ويروي فهن ويروى فأين والبيت تفسير البيت الذي قبله والوثوب لازمٌ وقوله وثبن الجبال أي جزنها وقطعنها وإنما قال وثبن لارتفاع الجبال والمعنى أن الجبال والبحار لا تمنع سيرها قال عليّ ابن الجهم يصف شعره، فسار مسير الشمس في كل بلدةٍ، وهب هبوب الريح في البحر والبحر،
[فلو خلق الناس من دهرهم ... لكانوا الظلام وكنت النهارا]
ولي فيك ما لم يقل قائل ... وما لم يسر قمرٌ حيث سارا
أشدهم في الندى هزةً ... وأبعدهم في عدوٍ مغارا
قال ابن جنى يقول يهتز موكبه لسرعته إلى الندى قال ابن فورجة يقول أنك أشد الناس هزةً في ساعة الندى وهي الهزة التي تصيب الجواد إذا هم بالعطاء كما قال، وتأخذه عند المكارم هزةٌ، وأين هذا من هزة الراكب ولم يكن الندى من سيف الدولة على بعد فيحتاج أن يركب إليه في مركبٍ اهتز هذا كلامه والمعنى أنه أنشط الناس عند الجود وأبعدهم مدى غارة في العدو
سما بك همي فوق الهمومِ ... فلست أعد يسارا يسارا
يقول سمت بك أي بسببك همتي حتى صارت فوق الهمم ولست أقنع بما يكون غنًى ويسارا حتى اطلب ما فوقه ثم أكد هذا المعنى
ومن كنت بحرا له يا عل ... يُّ لم يقبل الدر إلا كبارا
ورحل سيف الدولة من حلب يؤم ديار مضر لاضطراب البادية بها فنزل حران فأخذ رهائن بني عقيل وقشير والعجلان وحدث له بها رأيٌ في الغزو فعبر الفرات إلى دلوك فقال أبو الطيب يذكر طريقه وأفعاله في جمادى الآخرة سنة ٣٤٢
[ليالي بعد الظاعنين شكول ... طوال وليل العاشقين طويل]
شكول متشابهة في الطول جمع شكل وشكل الشيء مثله وذلك أن ليالي الناس تقصر وتطول بحسب اختلاف الشتاء والصيف ولياليه طوال لبعد الحبيب وامتناع النوم ويجوز أن يكون مشاكلتها من حيث أنه لا يجد روحا فيها ولا نوما يقول لا يتغير حالي في ليالي بعدهم ولا ينقضي غرامي ووجدي بالحبيب وكأنه ضد قول القائل، إذا ما شئت أن تسلى خليلا، فأكثر دونه عدد الليالي، ثم أخبر عن طولها فقال هي طوال وكذا ليالي العشاق
[بين لي البدر الذي لا أريده ... ويخفين بدرا ما إليه سبيل]
[وما عشت من بعد الأحبة سلوة ... ولكنني للنائبات حمول]
يقول ليس بقاءي بعدهم لسلوى عنهم ولكن لاحتمالي النوائب والشدائد كما قال ابن خراس، فلا تحسبي أني تناسيت عهدكم، ولكن صبري يا أميم جميلُ،
وإن رحيلاً واحداً حال بيننا ... وفي الموت من بعد الرحيل رحيلُ
يقول ارتحالكم عنا وارتحالنا عنكم حال بيننا لأنا افترقنا وفي الموت الذي يحصل بالفراق رحيل آخر يريد أنه لا يعيش بعدهم
إذا كان شم الروح أدنى إليكمُ ... فلا برحتني روضةٌ وقبولُ