المعهود في مثل هذا أن يقال هم ملوك إلا أنهم في طبع الأرانب لكنه عكس الكلام مبالغة فجلع الأرانب حقيقة لهم والملك مستعار فيهم يقول هم وإن انفتحت عيونهم نيام من حيث الغفلة كالأرانب تنام منفتحة العينين كما قال، وأنت إذا استيقظت يوما فنائم، وكما قال أبو تمام، أيقظت هاجعهم وقل يغنيهم، سهر النواظر والقلوب نيام،
[بأجسام يحر القتل فيها ... وما أقرانها إلا الطعام]
بأجسام أي مع أجسام يحر يشتد من قولهم حر يومنا يحر حرارةً يقول يقتلهم الطعام فيموتون بالتخمة من كثرة الأكل
[وخيل لا يخر لها طعين ... كأن قنا فوارسها ثمام]
[خليلك أنت لا من قلت خلى ... وإن كثر التجمل والكلام]
يقول ليس خليل خليلك إلا نفسك وليس من تقول هو خليلي خليلا لك وإن كثر تملقه ولأن قوله
ولو حيز الحفاظ بغير عقلٍ ... تجنب عنق صيقله الحسام
يقول لو ملك الحفاظ أي المحافظ على الحقوق ورعى الذمام من غير عقل لكان السيف يحافظ على حق الصيقل الذي صقله فلايقطع عنقه والمعنى أنهم لا عقل لهم فلذلك ليس لهم حفاظ
[وشبه الشيء منجذب إليه ... وأشبهما بدنيانا الطغام]
الطعام الأوغاد والغوغاء من الناس يقول الشيء يميل إلى شبه والدنيا خسيسة فلذلك ألفت الأخساس لأنهم اشكالها في اللؤم والخسة والشكل إلى الشكل أميل لا محالة
ولو لوم يعل إلا ذو محلٍ ... تعالى الجيش وانحظ القتام
يقول علوهم في الدنيا لا يدل على محلهم واستحقاقهم ولو كان كذلك لكان الغبار سافلا والجيش عاليا
[ولو لم يرع إلا مسنحق ... لرتبته أسامهم المسام]
يقال سامت الماشية إذا رعت وهي سائمة وأسامها صاحبها قال الله تعالى فيه تسيمون ويريد بالمسام ههنا الرعية والكناية في أسامهم تعود إلى قوله ملوك يقول رعيتهم أولى بالأمارة منهم لو كانت الأمارة بالاستحقاق وقال ابن فورجة المسام المال المرسل في مراعيه يقول هؤلاء شر من البهائم فلو ولى بالاستحقاق لكان الراعي لهم البهائم لأنها اشرف منهم واعقل
[ومن خبر الغواني فالغواني ... ضياء في بواطنه ظلام]
أي من جرب الغواني فالغواني ضياء في الظاهر ظلام في الباطن
[ذا كان الشباب السكر والشي ... ب هما فالحيوة هي الحمام]
يعني أن الحياة في الدنيا منغصة مكدرة لأن الشاب كالسكران في سكر شبيبته والشيب هم لضعف الإنسان عند الشيب واهتمامه لما فات من عمره فإذا الحياة موت بعينه
وما كل بمعذور ببخلٍ ... ولا كل على بخلٍ يلام
يقول ليس كل أحد يعذر إذا بخل لأن الواجد الغني لا عذر له في البخل والمنع وليس كل أحد يلام على البخل فإن المعسر المحتاج إلى ما في يده لا يلام في بخله ووجه آخر وهو أن الذي لا يعذر في بخله من ولدته والكرام والذي لا يلام على بخله من كان آباؤه لئاما بخلاء ولم يتعلم غير البخل ولم ير في آبائه الجود والكرم فيكون هذا من قول الطاءي، لكل من بني حواء عذر، ولا عذر لطاءي لئيم،
[ولم أر مثل جيراني ومثلي ... لمثلي عند مثلهم مقام]
يقول لم أر مثلهم في سوء الجواء وقلة المراعاة ولا مثلي في مصابرتهم مع فرط جفوتهم
[بأرض ما اشتهيت رأيت فيها ... فليس يفوتها إلا الكرام]
يقول كلما تطلب تجد في هذه الأرض إلا الكرام فإنهم غير موجودين فيها
[فهلا كان نقص الأهل فيها ... وكان لأهلها منها التمام]
يقول هلا كان نقص أهل الأرض في الأرض وتمامها في أهلها والمعنى ليت كمال الأرض كان لساكنيها ونقصانهم كان فيها
[بها الجبلان من فخر وصخر ... أنافا ذا المغيث وذا اللكام]
اللكام جبل معروف يقال له جبل الأبدال لأنهم كانوا يسكنونه والمصراع الثاني تفسير للجبلين وأنافا اشرفا وطالا
[وليست من مواطنه ولكن ... يمر بها كما مر الغمام]
إنما قال هذا لنه ذم أهل هذه الأرض فهو يقول ليست هذه البلدة موطنا له ولكنه يجتاز بها أحيانا اجتياز الغمام كما قال أبو تمام، إن حن نجدوأهلوه إليك فقد، مررت فيها مرور العارض الهاطل،
سقا الله ابن منجبةٍ سقاني ... بدر ما لراضعه فطام
يريد أنه ليس يقطع عنى بره
[ومن إحدى فوائده العطايا ... ومن إحدى عطاياه الدوام]
وقد خفى الزمان به علينا ... كسلك الدر يخفيه النظام