[فإن شقيت بأيديهم جيادي ... لقد شقيت بمنصلي الوجوه]
وذلك أن عبدا له أخذ فرسا له تحت الليل ليذهب به فانتبه أبو الطيب وضرب وجهه بسيفه وأمر الغلمان فقطعوه وقال أيضا يهجوه
لحى الله وردانا وأما أتت به ... له كسب خنزيرٍ وخرطوم ثعلبِ
الخنزير يأكل العذرة وكذلك بنات وردان تأكل العذرة في الحشوش ولإنفاق الأسمين جعله كالخنزير في أكل العذرة ويريد بقوله خرطوم ثعلب أنه ناتىء الوجه فوجهه كخرطوم الثعلب وهو أنفه وفمه
فما كان منه الغدر إلا دلالةً ... على أنه فيه من الأم والأبِ
أي غدره بي دلالة على أنه ورث الغدر من أمه وأبيه يعني أنهما كانا غدارين فالغدر موروث له لا عن كلالة وروى ابن جنى بالأب أي غدره بي دلالةٌ على أن أمه غدرت فيه بأبيه فجاءت به لغير رشدة
إذا كسب الإنسان من هن عرسهِ ... فيا لؤم إنسان ويا لؤم مكسبِ
ينسبه إلى أنه ديوث يقود إلى امرأته ويجعل ذلك كسبا له
أهذا اللذيا بنت وردان بنتهُ ... هما الطالبان الرزق من شر مطلبِ
يقول تجاهلا وهزؤا أهذا هو الذي تنسب إليه بنت وردان هذه الحشرة الذميمة ثم قال هو وهي يطلبان الرزق من شر المطلب لأنها تطلبه من الحشوش وأماكن الخبث وهو يطلبه من هن عرسه
لقد كنت أنفي الغدر عن توس طيءٍ ... فلا تعذلاني رب صدقٍ مكذبِ
التوس والسوس الأصل يقول كنت أقول أن طيئا لا تغدر ولم تكن آباؤهم غدارين فلا تعذلاني إن قلت غدر هذا لأنه ليس من الأصل الذي يدعي ن طيىءٍ وقوله رب صدق مكذب أي رب صدق يكذبه الناس يعني كنت صادقا في نفي الغدر عن طيىء وإن كذبني الناس لأجل وردان بادعائه أنه من طيىء يريد أنه صادق ووردان ليس من طيىء ولم يعرف ابن جنى هذا فقال رجع عن نفي الغدر عنهم وليس في البيت ما يدل على رجوعه عن نفي الغدر وقال أيضا في العبد الذي أخذ سيفه وفرسه
[أعددت للغادرين أسيافا ... أجدع منهم بهن آنافا]
يعني بالغادرين عبيده الذين أرادوا أن يسرقوا خيله يقول أعددت لهم سيوفا أجدع بها أنوفهم يقال آنف وآناف وأنوف
لا يرحم الله أرؤساً لهمُ ... أطرنَ عن هامهنَّ أقحافاً
يقول لا يرحم الله رؤسهم التي أطارت السيوفُ اقحافها عن هامها
ما ينقم السيفُ غير قلتهمْ ... وأن تكون المئونَ آلافا
يقول لا يكره السيف إلا قلة عددهم أي يريد السيفُ أن يكونوا أكثر ليقتلهم جميعا ويريد أن تكون المئون منهم آلافا ليقتل كل غادر وكلّ عبد سوء في الدنيا وأراد إن لا تكون فحذف لا وهو يريده
يا شر لحمٍ فجعته بدمٍ ... وزار للخامعات أجوافا
يقول للمقتولين منهم يا شر لحم أسلت دمه حتى فجعته بدمه وتركته ملقًى للضباع حتى أكلته فدخل أجوفاها والخامعات الضباع لأنها تخمع في مشيها وذلك أن في مشيها شبه عرج ولذلك قيل لها العرجاء
[قد كنت أغنيت عن سؤالك بي ... من زجر الطير لي ومن عافا]
يقول للعبد الذي قتله كنت في غنى عن أعمال الزجر والعيافة في إقدامك عليّ وتعرضك للغدر بي وكان هذا العبد سأل عائفا عن حال المتنبي فذكر له من حاله ما زين له الغدر به وهو قوله من زجر الطير لي يعني العائف وقوله سؤالك بي أي عني
وعدت ذا النصل من تعرضهُ ... وخفت لما اعترضتَ إخلافا
يقول وعدت سيفي أن أضرب به من تعرض له وأحوج إلى ضربه ولما اعترضت لسيفي بالغدر بي وأخذ فرسي خفت أن تركت قتلك أخلاف ما وعدت السيف
[لايذكر الخير أن ذكرت ولا ... تتبعك المقلتان توكافا]
يقول لم يكن فيك خير تذكر به ولا تبكي العين عليك والتوكاف تفعال من الوكيف وهو قطران الماء
إذا امرؤ راعني بغدرتهِ ... أوردته الغاية التي خافا
يقول إذا راعني امرؤ بغدرته كافأته بالقتل وهو غاية ما يخافه المرء وقال أيضا
بسيطة مهلا سقيتِ القطارا ... تركتِ عيونَ عبيدي حيارى
[فظنوا النعام عليك النخيل ... فظنوا الصوار عليك المنارا]
بسيطة موضع بقرب الكوفة لما بلغها المتنبي رأي بعض عبيده ثورا يلوح فقال هذه منارة الجامع ونظر أخر إلى نعامة فقال وهذه نخلة فضحك أبو الطيب وضحك من معه وذلك قوله
فأمسك صحبي بأكوراهم ... وقد قصد الضحك فيهم وجارا