أي أنهم أنهزموا بالفرات وكانوا قبل ذلك كالأسد لهم زئير فصاروا في الذلة حين هربوا كالثيران التي لها خوار وروى الخوارزمي بالجيم
فهم حزق على الخابور صرعى ... بهم من شرب غيرهم خمارُ
الحزق الجماعات جمع حزقة أي ظنوا أنهم المقصودون فهربوا وتفرقوا في الهرب وصاروا جماعاتٍ وكان الذنب لغيرهم وتعب الهرب لحقهم فذلك قوله بهم من شرب غيرهم خُمار
فلم يسرح لهم في الصبح مالٌ ... ولم توقد لهم بالليل نارُ
أي لخوفهم لم يسرحوا نعمهم ولم يوقدوا نيرانهم
حذرا فتًى إذا لم يرض عنهم ... فليس بنافع لهمُ الحذارُ
تبيت وفودهم تسري إليه ... وجدواه التي سألوا اغتفارُ
أي يسألونه العفو لا غير
فخلفهم برد البيض عنهم ... وهامهم له معهم معارُ
أي استبقاهم بأن رد عنهم السيوف وأعارهم رؤسهم لأنها في ملكه متى شاء أخذهم
هم ممن أذم لهم عليه ... كريم العرق والحسبُ النضارُ
أي عقد لهم الذمة وصيرهم في ذمامه كرم أصله وصحة حسبه ونضارُ كل شيء جيده وخالصه
فأصبح بالعواصمِ مستقرا ... وليس لبحرِ نائلهِ قرارُ
أي استقر بهذا المكان ولا يستقر نداه ونائله
وأضحى ذكره في كل أرضٍ ... تدارُ على الغناء به العقارُ
يريد أن الشرب يغنون بما صيغ من الأشعار في مدحه ويشربون على ذكره
تخر له القبائل ساجداتٍ ... وتحمده الأسنةُ والشفارُ
يقول تخضع له القبائل غاية الخضوع وتثنى عليه الرماح والسيوف لحسن استعماله إياها
كأن شعاع عين الشمس فيه ... ففي أبصارنا عنه انكسارُ
أي لاجلالنا إياه وإعظامنا له لا نملأ أعيننا من النظر إليه كما قال الفرزدق، يغضي حياء ويغضي من مهابته،
فمن طلب الطعان فذا عليٌّ ... وخيلُ الله والأسلُ الحرارُ
الحرار جمع حران وحري يقول من أراد المطاعنة بالرماح فهذا عليّ قد تفرغ لذلك ومعه خيل الله والرماح العطاش
يراه الناس حيث رأته كعب ... بأرضٍ ما لنازلها استتارُ
أي هو أبدا يسري إلى الأعداء ويقطع إليهم المفاوز ألا تراه يقول
يوسطه المفاوز كل يومٍ ... طلاب الطاعنين لا الإنتظارُ
يقول طلبه الأبطال الطالبين القتال والطاعنين اعداءهم ينزله وسط المفاوز كل يوم لا انتظار من يلحقه وذلك أن الهارب في انتظار أن يلحق والمعنى أنه يتوسط المفاوز طالبا لا هاربا
تصاهل خيله متجاوباتٍ ... وما من عادةِ الخيل السرارُ
ذكر أبو الفتح في هذا البيت معنيين أحدهما أن بعض خيله تسر إلى بعض شكيةً لما يجشمها من ملاقاة الحروب وقطع المفاوز والثاني أن خيله مؤدبة فتصاهلها سرارٌ هيبةً له قال ابن فورجة لفظ البيت لا يساعده على واحد من التفسيرين فإنه ليس في البيت ذكر التشاكي ولا المساوة في الصهيل ولكن المعنى أنها تتصاهل من غير سرار وليس السرار من عادة الخيل أي أن سيف الدولة لا يباغت العدو ولا يطلب أن ينكتم قصده العدو لاقتداره وتمكنه والذي يطلب المباغتة والتستر عن عدوه يضرب فرسه على الصهيل كما قال، إذا الخيل صاحت صياح النسور، جزرنا شراسيفها بالجذم،
بنو كعبٍ وما أثرت فيهم ... يدٌ لم يدمها إلا السوارُ
هذا مثل يقول تأثيرك فيهم بالقتل والغارة كتدمية السوار اليد وقد فسر هذا فقال
بها من قطعه ألم ونقص ... وفيها من جلالته افتخارُ
أي اليد تفتخر بالعسوار وإن كان يؤلمها وينقصها بالقطع كذلك هم يفتخرون بك وأنت زين لهم وأن أثرت فيهم
لهم حق بشركك في نزارِ ... وأدنى الشرك في أصلٍ جوارُ
أي أنهم يشاركونك في الإنتساب إلى نزار وأقل ما يوجبه حق الشركة في أصلٍ جوارٌ أي ذمام وحرمة مجاورةٍ
لعل بنيهم لبنيك جندٌ ... فأولى قرح الخيل المهارُ
يستعطفه عليهم ويحثه على العفو عنهم يقول لعل ابناءهم يكونون جندا لابنائك والمهار من الخيل هي التي تصير قرحا أي الصغار تصير كبارا كما قال بعض العرب، وإنما القرم من الأفيل، وسحق النخلِ من الفسيلِ،
وأنت أبر من لو عق أفنى ... وأعفى من عقوبته البوارُ
يقول أنت أبر الذين إذا عصوا أهلكوا وإذا كان أبرهم لم يهلك وأنت أعفى من يعاقب بالهلاك وإذا كان أعفاهم لم يهلك