يقول هو معلم بوجهه في هذه الأشياء أي أنه معروف يعرف بوجهه فكأنه معلم به عند الحرب إذا حارب أو سالم أو كان عند السخاء والعقل وما ذكره هذا على رواية معلم ومن روى بكسر اللام قال أنه لشدته وشهرته لا يحتاج أن يعلم نفسه فإنه معلم بوجهه بمعنى أن وجهه كعلامة له لشهرته والجيد رواية من روى للحرب معلم يقول بوجهه علامةٌ لهذه الأشياء أي إذا نظرت إليه عرفت أنه أهل لهذه الأشياء موصوف بها يحارب إذا رأى الحزم في الحرب ويسالم إذا رأى السلم خيرا من الحرب ويعرف في وجهه أنه عاقل جواد محمود ماجد.
[يقر له بالفضل من لا يؤده ... ويقضي له بالسعد من لا ينجم]
أي عدوه يشهد له بالفضل لظهوره ووضوحه بحيث لا يمكن أن ينكر فضله كما قال، والفضل ما شهجت به الأعداء، ولظهور آثار السعادة عليه يحكم له بالسعادة من لا يعرف أحكام النجوم من السعادة والنحوسة.
[أجار على الأيام حتى ظننته ... تطالبه بالرد عاد وجرهم]
أجار الناس وحفظهم من الأيام فحماهم عنها فلا تقدر أن تصيبهم بمكروهٍ حتى اطمع ذلك قبائل عاد وجرهم وهم قبائل قديمة وفقدوا وماتوا في الزمان الأول في استنقاذه إياهم من يد العدم فتطالبه بردهم إلى الدنيا إن أفنتهم الأيام وأهلكتهم.
[ضلالا لهذي الريح ماذا تريده ... وهديا لهذا السيل ماذا يؤمم]
إنما دعى على الريح بالضلال لأنها آذتهم في طريقهم كما قال بكرن ضرا وبكرت تنفع ودعى للسيل بالهدي لأنه حكاه بالجود وقوله ماذا يؤمم أي ماذا يقصد وفي هذا تعظيم لسيف الدولة.
الم يسال الوبل الذي رام ثنينا ... فيخبره عنك الحديد المثلمُ
هذا المطر الذي قصد صرفنا عن وجهنا إلا يسال السيف فيخبره أنه لا يقدر على صرفك عن وجهك فيعلم المطر أنه لا يقدر أيضا على صرفك.
ولما تلقاك السحاب بصوبه ... تلقاه أعلى منه كعباً وأكرم
لما استقبلك الساحب المطر استقبله من هو أشرف منه شرفا وأظهر كرما.
فباشر وجهاً طالما باشر القنا ... وبل ثياباً طالما بلها الدمُ
يقول وباشر المطر وجها قد باشر الرماح في الحروب أي أنه لا يبالي بالمطر لأنه رأى ما هو اعظم منه.
تلاك وبعض الغيث تبع بعضهُ ... من الشام يتلو الحاذق المتعلمُ
يقول تبعك الغيث وأنت غيث فأذن يتبع بعضه بعضا وأنت حاذق في الجود فهو يتلوك ليتعلم منك ذلك.
[فزار التي زارت بك الخيل قبرها ... وجشمه الشوق الذي تتجشم]
زار السحاب قبر والدتك معك وكلفه الشوق ما كلفك من المسير نحوها أي هو يشتاق قبرها كما تشتاقه.
ولما عرضت الجيش كان بهاؤه ... على الفارس المرخى الذؤابة منهمُ
أراد بالفارس المرخى الذؤابة سيف الدولة يقول لما عرضت الجيش كنت بهاءهم وجمالهم
حواليه بجر للتجافيف مائج ... يسير به طودٌ من الخيل ايهمُ
الأيهم الذي لا يهتدي فيه ويقال بر أيهم وفلاة يهماء جعل كثرة التجافيف حوله بحرا مائجا وجعل خيله التي تسير بهذه التجافيف طوادا عظيما.
[تساوت به الأقطار حتى كأنه ... يجمع أشتات الجبال وينظم]
يذكر أنه عم الأرض بكثرة خيله فنظم بعمومه متفرق الجبال ونواحي الأرض.
[وكل فتى للحرب فوق جبينه ... من الضرب سطر بالأسنة معجم.]
جعل أثر الضرب كالسطر لطوله وأثر الطعن اعجاما لذلك السطر لتدور جراحته فهي كالنقطة يريد أنهم رجال حرب على وجوههم آثار الضرب والطعن.
[يمد يديه في المفاضة ضيغم ... وعينيه من تحت التريكة أرقم]
المفاضة الدرع الواسعة والأرقم الحية يعني أن هذا الفتى في الدرع أسد فإذا مد يده في الدرع فقد مدها أسد لكونه أسدا وأراد يمد يديه منه ضيغم كما تقول أن لقيت فلانا لقيت منه الأسد ونظره كنظر الحية أي كأنه حيةٌ تنظر لشدة توقد عينيه والمعنى يفتح عينيه منه أرقم وهذا من باب علفتها تبنا وماء باردا.
كأجناسها راياتها وشعارها ... وما لبسته والسلاح المسممُ
يقول كأجناس الخيل جميع ما معها يعني أن كل ذلك عربي الرايات والسلاح والملابس كالخيل فإنها كلها عراب على اختلاف اجناسها من السود والشهب وسائر الألوان والمسمم المسقى سما.
وأدبها طول القتال فطرفه ... يشير إليها من بعيد فتهم