وإن كان ذنبي كل ذنبٍ فإنه ... محا الذنب كل المحو من جاء تائبا
يقول أن اذنبت ذنبا لا دنب فوقه فالتوبة من الذنب محو لا محو فوقه يريد قول النبي صلى الله عليه وسلم التائب من الذنب كم لا ذنب له.
فقال أيضا يعتذر إليه مما خاطبه به في قصيدته الميمية
أجاب دمعي ما الداعي سوى طللِ ... دعا فلباه قبل الركب والإبلِ
يقول استدعي الطلل دمعي بدثوره فاجابه الدمع وكنت أول من أجاب ببكائه قبل أصحابي وقبل الإبل يريد أن الإبل تعرف أيضا ذلك الطلل وتبكي عليه كام قال التهامي، بكيت فحنت ناقتي فأجابها، صهيل جوادي حين لاحت ديارها،
طللت بين أصيحابي اكفكفهُ ... وظل يسفح بين العذبر والعذلِ
أي ظللت أكف دمعي خوفا من عذل الركب فظل الدمع يسيل وأصحابي من بين عاذر ليؤ وعاذل والدمع يسيل بين العذر والعذل.
أشكو النوى ولهم من عبرتي عجبٌ ... كذاك كنت وما أشكو سوى الكللِ
أي أشكو الفراق وهم يتعجبون من بكائي كذلك وما اشكو أي كذاك كانت الدموع تجري حين لم يكن بين يوبينهم بعد إلا الحجاب والواو في قوله وما للحال أي حين لا أشكو سوى الستر أي في حال دنو المسافة والهجر ومن روى كانت فمعناه كذاك كانت العبرة حين كان الحاجب بيننا الكلة ويجوز أن يريد كذا كانت الحبيبة تبكيني دانيةً إبكاءها وهي نائية والمصراع الثاني رد على أصحابه حين تعجبوا من بكائه يعني لا تتعجبوا من بكائي على فراقها فلقد كنت أبكي في هجرها
وما صبابة مشتاقٍ على أملٍ ... من اللقاء كمشتاقٍ بلا أملِ
أراد كصبابة مشتاق فحذف المضاف والمعنى أن المشتاق الذي لا يأمل لقاء حبيبه أشد حالا لأنه إذا كان على أمل خفف التأميل برح اشتياقه ويجوز أن يكون أخف حالا لاسترواحه إلى اليأس والأول الوجه
متى تزر قوم من تهوى زيارتها ... لا يتحفوك بغير البيضِ والأسلِ
يخاطب نفسه ويذكر أنها منيعة في قومها بالسيوف والرماح فإذا زار قومها لأجلها كانت تحفة من قبلهم السيوف والمعنى أنه يخافهم على نفسه أن أتاهم
والهجر أقتل لي ما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البللِ
يقول هجرها أقتل لي مما أخاف من شر قومها وأنا إذا خفت شر قومها مع هجرها كنت كغريقٍ يخاف البلل وهذا من قول بشار، كمزيلٍ رجليه عن بلل القطر وما حوله من الأرض بحرُ،
ما بال كل فؤادٍ في عشيرتها ... به الذي بي وما بي غير منتقلِ
أي لم ينتقل حبها عني ولا أسلوها إذا كان قومها وعشيرتها يحبونها كحبي يشير إلى إنها محبوبة في قومها منيعة فيما بينهم وأنه في يأس من الوصول إليها واليأس من الشيء يوجب السلوة عنه كما قالوا اليأس أحدى الراحتين وأنه مع هذا اليأس لا ينتقل عنه حبها.
مطاعة اللحظ في الألحاظ مالكةٌ ... لمقلتيها عظيم الملك في المقلِ
يقول هي مطاعة اللحظ في جملة الحاظ النسوان أي أنها إذا لحظت إلى إنسان فتنته حتى يصير الملحوظ إليه مطيعا لها وهي مالكة القلوب ولمقلتيها ملك عظيم في جملة المقل قال ابن فورجة أي أن العيون إذا نظرت إلى عينها لم تملك صرف الحاظها عنها لأنها تصير عقلة لها فكان عينها مالكة العيون
تشبه الخفرات الآنسات بها ... في مشيها فينلن الحسن بالحيلِ
يقول النساء الحييات ذوات الأنس يتشبهن بها في حسن المشية فيكتسبن الحسن بالتشبه بها ويحتلن حتى ينلن ذلك.
قد ذقت شدة أيامي ولذتها ... فما حصلتُ على صابٍ ولا عسلِ
يقول مر بي من الدهر الحلاوة والمرارة فلم أحصل منهما على صابٍ ولا عسلٍ لانقضائهما ومرورهما كما قال البحتري، ومن عرف الأيام لم ير خفضها، نعيماً ولم يعدد مضرتها بلوى،
[وقد أراني الشباب الروح في بدني ... وقد أراني المشيب الروح في بدلي]
يعني أنه إنما كان حيا حين كان شابا فلما شاب صار كأنه مات وانتقل روحه إلى غيره كما قال الآخر، من شاب قد مات وهو حي، يمشي على الأرض مشى هالك، والمعنى أنه تغير بعد المشيب حتى صار غير ما كان أولا وقال ابن فورجة أحسن ما يحمل عليه البدل في هذا البيت الولد لأنه كان بدل الإنسان إذا كان يشب أوان شيخوخة الأب ثم يرثه ويكون كأنه بدله في ماله وبدنه
وقد طرقت فتاةَ الحي مرتديا ... بصاحبٍ غير عزهاةٍ ولا غزلِ