يقول لفطنتك وذكاء قلبك كأنك ناظر في قلوب الناس ترى ما فيها فليس يخفى عليك محل قاصد يأتيك ويزورك وغاش يغشاك وغاشية الرجل الذين يأتونه ويزورونه ومنه قول ذي الرمة يصف سفوادا، وذي شعب شتى كسوت فروجه، لغاشية يوما مقطعة حمرا، وقال حسان، يغشون حتى ما تهر كلابهم، لا يسألون عن السواد المقبل، ومثل هذا في المعنى قوله، ويمتحن الناس الأمير برائه، ويقضي على علمٍ بكل ممخرق،
أأصبر عنك لم تبخل بشيء ... ولم تقبل عليّ كلام واشِ
[وكيف وأنت في الرؤساء عندي ... عتيق الطير ما بين الخشاش]
وكيف أصبر عنك وأنت في جملة الرؤساء كالكريم من الطير بين صغارها
فما خاشيك للتكذيب راجٍ ... ولا راجيك للتخييب خاشى
قال ابن جنى أي ليس يرجو من يخشاك أن يلقي من يكذبه ويخطئه في خوفك لأن الناس مجمعون على خوفك وخشيتك ومعنى راج خائف وقال ابن فورجة أي أن خاشيك حال به بأسك وواقع به سخطك وانتقامك فما يرجو تكذيبا لما خافه لشدة خوفه ولا راجيك يخشى أن تخيبه لفيض عرفك انتهى كلامه والصحيح في هذا البيت رواية من روى فما خاشيك للتثريب راج أي من خشيك لم يخف أن يثرب ويعثر بخشيتك وراج خائف ومن روى للتكذيب لم يكن فيه مدح لأن المدح في العفو لا في تحقيق الخشية وإنما يمدح بتحقيق الأمل وتكذيب الخوف كما قال السري، إذا وعد السراء أنجز وعده، وإن وعد الضراء فالعفو مانعه،
[تطاعن كل خيل سرت فيها ... ولو كانوا النبيط على الجحاش]
أي إذا كنت في قوم شجعوا بمكانك وإن كانوا أنباطا على حمر
[أرى الناس الظلام وأنت نور ... وإني فيهم لإليك عاش]
يقول عشوت إلى النار أعشو عشوا فإنا عاش إذا اتيتها ليلا يقول أنت فيما بين الناس كالنور في الظلام وأني قاصد إليك اطلب من عندك الخير كما تؤتى النار في ظلمة الليل
[بليت بهم بلاء الورد يلقى ... أنوفا هن أولى بالخشاش]
أي تأذيت بلقاء غيرك ولم يليقوا بي كما لا يليق الورد بأنوف الإبل قاله ابن جنى ويجوز أن يريد بقوله أنوفا هن أولى بالخشاش أنوف اللئام من الناس الذين أنوفهم أولى بالخشاش من أن تشم الورد
[عليك إذا هزلت مع الليالي ... وحولك حين تسمن في هراش]
أي هم عليك مع الدهر أعوانا له إذا كنت مهزولا أي إذا افترقت فصرت كالمهزول الذي لا لحم عليه وإذا كثر مالك فصرت كالرجل السمين كانوا حولك يتهارشون والمعنى أ، هم عيال في الحرب وإذا رجعت من القتال بالغنيمة خيموا لديك وتهارشوا حولك
[أتى خبر الأمير فقيل كروا ... فقلت نعم ولو لحقوا بشاش]
يقول ورد خبر الأمير وإنه مع جيشه كروا على العدو فقلت لهم نعم تصديقا لهذا الخبر يكر ولو لحق عدوه بالشاش فهو قول البحتري، يضحى مطلا على الأعداء لو وقعوا، بالصين في بعدها ما استبعد الصينا، ويجوز أن يكون المعنى لما أتى خبره بالإنصراف بالظفر قال هؤلاء الذين حوله حين يسمن كروا أي قال بعضهم لبعض كروا إليه ومن يروى بفتح الكاف أي قيل أنهم قد كروا فقلت نعم وإن بعدوا عنه يكرون ويرجعون إليه وقال ابن جنى كان أبو العشائر استطرد للخيل وولى بين أيديها هاربا ثم جاء خبره أنه كر عليهم راجعا فلو لحق بشاش لوثقت بعودته هذا كلامه وعلى هذا إنما قال كروا ولحقوا والمذكور في أول البيت الأمير لأنه أراده ومن معه من أصحابه وقال ابن فورجة الرواية بضم الكاف والمعنى أي خبر الأمير بظفره بالعدو فقيل لنا معشر المستميحين كروا فقلت نعم يكرون ولو لحقوا بشاب أي ولو كان على البعد منهم قال ولم يرو يفتح الكاف إلا ابن جنى
[يقودهم إلى الهيجا لجوج ... يسن قتاله والكر ناش]
عنى باللجوج أنه لا ينثني عن أعدائه ولا يزال يغزوهم ومعنى قوله يسن قتاله يطول وقت قتاله حتى يصير كالمسن الذي طال عمره وكره ناش شاب في آخر القتال كما كان في أوله
[وأسرجت الكميت فناقلت بي ... على إعقاقها وعلى غشاشي]
يقال للذكر والأثنى كميت كما قال، كميت غير محلفة ولكن، كلون الصرف علَّ به الأديم، والمناقلة أن تحسن نقل يديها ورجليها بين الحجارة ومنه قول جرير، مناقل الأجرال يقال أعقت الدابة إذا انفتق بطنها للحمل وهي عقوق والغشاش العجلة أي أنها اسرعت بي على ثقلها وعلى عجلتي
من المتمردات تذب عنها ... برمحي كل طائرةٍ الرشاشِ