منى كنَّ لي أن البياضَ خضابُ ... فيخفى بتبييضِ القرون شبابُ
أي مشيبي هذا وإن يكون البياض خضابا لي يخفى به سواد شعري مني كانت لي قديما وسمى البياض بالشيب خضابا لخفاء السواد به كما أن السواد الذي يخفى به البياضُ يسمى خضابا والقرون الذوائب
ليالي عند البيض فوادي فتنةٌ ... وفخرٌ وذاك الفخر عندي عابُ
أي تمنيت ذاك ليالي كان رأسي فتنةً عند النساء لحسن شعري وسواده وكن يفتخرن بوصلي وذاك الفخر عندي عيب لأني أعف عنهن وأزهد في وصالهن وإنما تمنى الشيب لأن للشباب باردةً وللمشيب أناةً كما قال، والشيبُ اوقر والشبيبة أنزق،
فكيف أذم اليوم ما كنت أشتهي ... وأدعو بما أشكوه حين أجابُ
يقول كيف أذم الشيب وكنت أتمناه وأهواه وكيف أدعو بما إذا أجبت إليه شكوته يعني لا أشكو الشيب انتهاء وقد دعوته ابتداء ويجوز أن يكون المعنى كيف أدعو الشبيبة بشكاية الشيب وأنا لو أجبت إليها لشكوتها فإني كنت أتمنى زوالها وقد أحتذي في هذه الأبيات على قول ابن الرومي، هي الأعين النجلُ التي كنت تشتكي، مواقعها في القلب والرأس أسود، فما لك تأسى الآن لما رأيتها، وقد جعلت مرمى سواك تعمدُ، فنقل نظر الأعين إلى ذكر المشيب والشباب
جلا اللون عن لونٍ هدى كل مسلكٍ ... كما انجاب عن ضوء النهار ضبابُ
يقول كان الشيب كامنا في الشباب فلما انتقل عنده بدا وجلا معناه زال وانكشف من قولهم جلا القوم عن منازلهم إذا خرجوا يقول زال لون السواد عن لونٍ هدي كل مسلك يعني لون الشيب فإنه يهدي صاحبه إلى كل طريق من الرشد والخير وشبه زوال سواد الشباب عن بياض المشيب بإنقطاع الضباب عن ضوء النهار
جلا اللون عن لون هدي كل مسلكٍ ... كما انجاب عن ضوء النهار ضبابُ
يقول كان الشيب كامنا في الشباب فلما انتقل عنه بدا وجلا معناه زال وانكشف من قولهم جلا القوم عن منازلهم إذا خرجوا يقول زال لون السواد عن لونٍ هدي كل مسلك يعني لون الشيب فإنه يهدي صاحبه إلى كل طريق من الرشد والخير وشبه زوال سوادِ الشباب عن بياض المشيب بإنقطاع الضباب عن ضوء النهار
وفي الجسم نفس لا تشيب بشيبهِ ... ولو أو أن ما الوجه منه حرابُ
لما ذكر أ، هـ كان يتمنى الشيب وهو سبب العجز والضعف ذكر أن همته وعزيمته وما فيه من معاني الكرم لا تشيب ولا يدركها العجز والضعف بشيب جسمه ولو أن الشعرات البيض في وجهه كانت حرابا
لها ظفر إن كل ظفر أعدهُ ... وناب إذا لم يبق في الفم نابُ
يقول إن كل ظفري ولم يبق في فمي نابٌ من الكبر لم يكن ظفر همتي كليلا
يغير مني الدهر ما شاء غيرها ... وأبلغ أقصى العمر وهي كعابُ
أي نفسي شابةٌ أبدا لا يغيرها الدهر وإن تغير جسمي
وإني لنجمٌ يهتدي صحبتي به ... إذا حال من دون النجومِ سحابُ
إذا خفيت النجوم بالسحاب فلم يهتد للطريق أهتدى بي أصحابي وكنت لهم كالنجم الذي يهتدي به يريد أنه دليل في الفلوات
غنيٌّ عن الأوطانِ لا يستفزني ... إلى بلدٍ سافرتُ عنه إيابُ
يريد أنه لا يعشق الإوطان وإن جميع البلاد عنده سواء فإذا سافر عن وطن لم يشوقه الإياب إلى ذلك الوطن لأنه مستغنٍ بالسفر عن الوطن
وعن ذملانِ العيس إن سامحت به ... وإلا ففي أكوارهن عقابُ
يقول وإنا غنى عن سير الإبل إن سنحت بالسير سرت عليها وإلا فإنا كالعقاب الذي لا حاجة به إلى أن يحمل وجواب أن محذوف للعلم به
وأصدى فلا أبدى إلى الماء حاجةً ... وللشمس فوق اليعملات لعابُ
يقول أعطش فلا أبدى حاجتي إلى الماء تصبرا وحزما حين يشتد حميُ الشمس حتى كان الشمس سال لها لعاب فوق الإبل والمسافرون في الفلوات إذا اشتد الهجير يرون كأن الشمس قد دنت من رؤوسهم وتدلت منها خيوط فوقهم ومنه قول الراجز، وذاب للشمس لعاب فنزل، وقال الكميت الفقعسي، يصافحن حر الشمس كل ظهيرةٍ، إذا الشمس فوق البيد ذاب لعابها، ومعنى البيت من قول أبي تمام، جدير أن يكر الطرف شررا، إلى بعض الموارد وهو صادي
وللسر مني موضع لا ينالهُ ... نديم لا يفضي إليه شرابُ