للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السرح السهلة السير المجمر من صفة الخف الصلب انشد الكسائي، أنعتها إني من نعاتها، مدراةُ الأخفاف مجمراتها، ويقال أيضا مجمر أي خفيف سريع من قولهم أجمرت الناقة إذا أسرعت قال الأستاذ أبو بكر الخوارزمي في قوله خفا مجمرا أراد خفا خفيفا فلم يوافقه اللفظ ولو وافقه لكان تجنيسا ظاهرا وإذا لم يوافقه فهو تجنيسٌ معمي كقول الشماخ، وما أروي وإن كرمت علينا، بأدني من موقفةٍ حرون، أراد أن يقول بادني من أروى فلم يساعده اللفظ فعدل عن الفظ الأروى إلى صفتها وهو يديدها ومعنى البيت أنه أخبر عن علو همة ناقته حين قصدته وهو اخبار عن علو همة نفسه لأنه يحمل ناقته على السير ثم ذكر علو همتها

تركت دخان الرمث في أوطانها ... طلباً لقومٍ يوقدون العنبرا

الرمث نبت يوقد به أي تركت الأعراب ووقودهم وأتت قوما وقودهم العنبر وهذا من قول البحتري، نزلوا بأرض الزعفران وجانبوا، أرضا ترب الشيح والقيصوما،

وتكرمت ركباتها عن مبركٍ ... تقعان فيه وليس مسكاً أذفرا

يقول تكرمت ناقتي عن أن تبرك إلا على المسك الأذفر وهو الشديد الرائحة يردي أن العنبر بحضرة الممدوح يوقد به والمسك ممتهن عنده بحيث يبرك عليه البعير والركبات جمع ركبة وهذا جمع أريد به الإثنان كقوله تعالى فقد صغت قلوبكما وكقول الشاعر، ظهراهما مثل ظهور الترسن، وهو كثير وذلك أن أول الجمع إثنان فجاز أن يعبر عنهما بلفظ الجمع لما كانا جمعا فيدل على أنه أراد بلفظ الجمع الاثنين أنه لما أخبر كما يخبر عن الأثنين بقوله تقعان

[فأتتك دامية الأظل كأنما ... حذيت قوائمها العقيق الحمرا]

الأظل باطن خف البعير وحذيت جعل لها حذاء وهو النعل يقول أتتك الناقة وقد دميت خفافها لطول السير وحزونة الطريق حتى كأنها أحتذت العقيق الأحمر كما قال الآخر، كان أيديهن بالموماة، أيدي جوارٍ بتنَ ناعماتِ، أي تخضبت بالدم خضاب هؤلاء الجواري

بدرت إليك يد الزمانِ كأنها ... وجدته مشغول اليدين مفكرا

يقول سبقت إليك العوائق وصروف الزمان فكأنها وجدت الزمان مشغولا عنها فانتهزت الفرصة في قصدك فإن الزمان موكلٌ صروفه بدفع الخيرات

[من مبلغ الأعراب أني بعدها ... شاهدت رسطليس والإسكندرا]

يقول من الذي يبلغ الأعراب أني بعد أن فارقتهم رأيت عالما هو في علمه وحكمته مثل أرسطاليس وملكا هو ي سعة ملكه كالأسكندر ورسطاليس أسم رومي لما أراد استعماله حذف بعضه فإن العرب تجترىء على استعمال الاعجمية فإن أمكن نقلها إلى أوزانهم نقلوها وإن لم يمكن نقلها حذفوا بعضها ومثل هذا الأسم في كثرة حروفه لا يوجد في كلام العرب

[ومللت نحر عشارها فأضافني ... من ينحر البدر النضار لمن قرى]

يقول مللت في صحبة الأعراب نحو الإبل ولحومها فأضافني من يجعل قراه بدر الذهب وهذا من قول البحتري، ملك بعالية العراق قبابهُ، يقرى البدور بها ونحن ضيوفهُ، وإنما استعمل النحر في البدر لذكره نحر العشار ومعنى نحر البدر فتحها لأعطاء ما فيها من الذهب

وسمعت بطليموس دارسَ كتبهِ ... متملكا متبديا متحضرا

بطليموس حكيم من حكماء الروم صنف كتاب في الطب والحكم وابن العميد كان أيضا حكيما عالما قد جمع بين أفعال الملوك وفصاحة البدو وظرافة الحضر يقول سمعت من ابن العميد وهو يدرك كتب نفسه في حال جمعه بين الملوكية والبدوية والحضرية وبطليموس هو ابن العميد سماه بهذا للمشابهة بينه وبين هذا الحكيم ونصب دارس كتبه على الحال وكذلك ما بعده ويجوز أن يريد أنه سمع من ابن العميد ما عفا ودرس من كتب بطليموس لأنه أحياه بذكاء فطنته وجودة قريحته ويكون التقدير سمعت دارس كتب بطليموس ولكنه قدم ذكره ثم كنى عنه ويجوز أن يكون دارس كتبه مفعولا ثانيا كما تقول سمعت زيدا هذا الحديث

[ولقيت كل الفاضلين كأنما ... رد الإله نفوسهم والأعصرا]

يقول عصر وأعصرٌ وعصورٌ يقول لقيت بلقائه كل من كان له فضل علم فكأن الله تعالى أحياهم ورد زمانهم حتى لقيت كلهم والمعنى أن فيه من الفضل ما كان في جميع الفضلاء

نسقوا لنا نسق الحساب مقدما ... وأتى فذلك إذ أتيت مؤخرا

<<  <   >  >>