وأن ذا الأسود المثقوب مشفرهُ ... تطيعهُ ذي العضاريط الرعاديد
يقول ولا توهمت أن الأسود العظيم المشافر يستغوي هؤلاء اللئام الذين حوله يطيعونه ويصدرون عن رأيه وجعله مثقوب المشفر تشبيها في عظم مشافره بالبعير الذي يثقب مشفره للزمام والعضروط التابع الذي يخدم الناس بطعام بطنه والرعديد الجبان
جوعان يأكل من زادي ويمسكني ... لكي يقال عظيم القدرِ مقصودُ
وصفه بالجوع على معنى أنه للؤمه وبخله لا يشبع من الطعام وذكرنا وجه أكل زاده عند قوله، لو كان ذا الآكل أزوادنا، يقول هو يمسكني عنده لكي يتجمل بقصدي إياه فيقول الناس أنه عظيم القدر إذ قصده المتنبي مادحا
إن امرأً أمةٌ حبلى تدبرهُ ... لمستضام سخين العين مفؤودُ
جعل الأسود أمةً لعدمه آله الرجال وجعله حبلى لعظم بطنه وكذا خلقة الخصيان وهذا تعريض بابن سيده يقول الذي صار تدبيره إلى من هذه صفته فهو مضيم مصاب القلب لا عقل له
ويلمها خطةً ويلم قابلها ... لمثلها خلق المهرية القودُ
ويلمها يقال عند التعجب من الشيء يقول ما أعجب هذه القصة وما أعجب من يقبلها وإنما خلقت الإبل للفرار من مثلها والمهرية إبل منسوبةٌ إلى مهرة قبيلة من العرب والقود الطوال جمع قوداء
وعندها لذ طعم الموت شاربهُ ... إن المنية عند الذل قنديدُ
يقول عند طاعة الخصي والصبر تحت أمره يستلذ طعم الموت من ذاقه لأن الموت أيسر من ذلك الذل والقنديد القند وقيل هو الخمر
من علم الأسود والمخصي مكرمةً ... أقومه البيض أم آباؤك الصيدُ
يريد أنه لا يعرف المكرمة ما هي لأنه عبد أسود لم يرث أباءه مجدا ولا مكرمةً
أم أذنه في يد النخاسِ داميةً ... أم قدره وهو بالفلسين مردودُ
هذا وضع منه وتحقير لشأنه بأنه مملوك اشترى بثمن أن زيد عليه فلسين لم يشتر لنخسته
أولى اللئام كويفير بمعذرةٍ ... في كل لؤمٍ وبعضُ العذرِ تنفيدُ
يقول أولى من عذر في لؤمه كافور لخبث أصله وخسة قدره ثم قال وبعض العذر تفنيد أي عذري لفي لؤمه له وهجاء على الحقيقة ثم صرح بعذره فقال
وذاك أن الفحول البيض عاجوةٌ ... عن الجميل فكيف الخصية السودُ
عرض بغيره من الملوك في هذا البيت وقال بمصر وكتب بها إلى عبد العزيز بن يوسف الخزاعيّ
[جزى عربا أمست ببلبيس ربها ... بمسعاتها تقرر بذاك عيونها]
بلبيس موضع بأعلى الشام دون مصر يقول جزى رب العرب العرب التي أمست بهذه البقعة بمسعاتها جزاء تقر عينها بذاك الجزاء والمسعاة واحدة المساعي وهي الأمور التي تسعى لها الكرام
[كراكر من قيس بن عيلان ساهرا ... جفون ظبائها للعلي وجفونها]
هذا تفسير العرب التي ببلبيس يقول هم جماعات من قيس لا تزال جفونهم ساهرةً لأجل العلي وجفون سيوفهم خاليةٌ لها واستعار لفظ السهر لجفون السيوف لما ذكر معها جفون العيون لتجانس القول وعنى بسهرها خلوها من النصول كما يسمى خلو جفون العين عن النوم سهرا والمّ بهذا بعض المحدثين فقال، وطالما غاب عن جفني لزورتها، وجفنِ سيفي غرارُ السيفِ والوسنِ، ولا واحد لكراكر من لفظها
وخص به عبد العزيز بن يوسفٍ ... فما هو إلا غيثها ومعينها
وخص بذلك الجزاء هذا الرجل الذي هو أفضلهم كالماء المعين الذي لا عيش دونه فيما بينهم
فتًى زان في عيني أقصى قبيلةٍ ... وكم سيدٍ في حلةٍ لا يزينها
يقول هو زين عشيرته ورهطه وإن تباعدوا عنه في النسب وغيره من السادة لا يكون بهذه الصفة وقال يهجو وردان بن ربيعة من طيىء الذي نزل به في طريقه إلى مصر
وإن تك طيىء كانت لئاما ... فألأمها ربيعةُ أو بنوهُ
وإن تكن طيىء كانت كراما ... فوردانٌ لغيرهم أبوهُ
يقول إن كانوا لئاما فهو ألأمهم وإن كانوا كراما فأبو وردان لم يكن منهم
مررنا منه في حسمي بعبدٍ ... يمج اللؤم منخرهُ وفوهُ
يقول مررنا في هذا المكان من وردان بعبد أنفاسه لؤم أي لا يتكلم إلا بما يدل على لؤمه
أشد بعرسهِ عني عبيدي ... فأتلفهم ومالي أتلفوهُ
يقول فرق بسبب امرأته عني عبيدي يعني دعاهم إلى الفجور بها فاتلفهم لأنه حملهم على الفجور وهم اتلفوا مالي لأنهم اتلفوه على امرأته