[وألا ألاقى روحك الطيب الذي ... كأن ذكي المسك كان له جسما]
يقول ووا أسفي أني لا ألقى روحك الطاهر الذي كان جسم ذلك الروح من المسك الذكي الشديد الرائحة
ولو لم تكوني بنت أكرم والدٍ ... لكان أباك الضخم كونك لي أما
يقول لو لم يكن أبوك أكرم والد لكانت ولادتك أياي بمنزلة أبٍ عظيمٍ تنسبين إليه أي إذا قيل لك أم أبي الطيب قام ذلك مقام نسبٍ عظيمٍ لو لم يكن لك نسب
[لئن لذ يوم الشامتين بموتها ... لقد ولدت مني لأنفهم رغما]
[تغرب لا مستعظما غير نفسه ... ولا قابلا إلا لخالقه حكما]
يقول خرج عن بلده إلى الغربة يعني نفسه لأنه لم يستعظم غير نفسه فأراد أن يفارق الذين كانوا يتعظمون عليه بغير استحقاق ولم يقبل حكم أحد عليه إلا حكم الله الذي خلقه.
يقولون لي ما أنت في كل بلدةٍ ... وما تبتغي ما أبتغي جل أن يسمى
أل الناس يقولون لي لما يرون من كثرة أسفاري أي شيء أنت فأنا نراك في كل بلدة وما الذي تطلبه فأقول ما اطلبه أجل من أن يذكر باسمه يعني قتل الملوك والاستيلاء على ملكهم
كأن بنيهم عالمون بأنني ... جلوبٌ إليهم من معادنه اليتما
يقول أبناء هؤلاء الذين يسألون عن حالي وسفري كأنهم يعلمون أنى أؤممهم واجلب إليهم اليتم بقتل آبائهم أي فهم يبغضونني.
[وما الجمع بين الماء والنار في يدي ... بأصعب من أن أجمع الجد والفهما]
الجد البخت والحظ من الدنيا والمعنى أن الفهم في الأمور والعلوم والعقل في التدبير لا يجتمع مع البخت في الدنيا وليس الجمع بين الضدين بأصعب من الجمع بينهما أي فهما لا يجتمعان كما لا يجتمع الضدان وهذا البيت تفسير قول الحمدوني، إن المقدم في حذقٍ بصنعته، أني توجه فيها فهو محروم،
ولكنني مستنصر بذبابه ... ومرتكب في كل حالٍ به الغشا
يقول لكني أن لم أقدر على الجمع بين الجد والفهم اطلب النصرة بذباب السيف وأركب الظلم في كلّ حال يعني اظلم اعداءي بسيفي.
[وجاعله يوم اللقاء تحيتي ... وإلا فلست السيد البطل القرما]
يقول أحيي أعداءي يوم الحرب بسيفي أي أجعله بدل التحية كما قال عمرو بن معدي كرب، وخيلٍ قد دلفت لها بخيلٍ، تحية بينهم ضرب وجيع،
إذا فل عزمي عن مدى خوف بعده ... فأبعد شيءٍ ممكن لم يجد عزما
يقول إذا منع عزمي عن بلوغ غايةٍ خوف بعد تلك الغاية فإن الممكن وجوده لا يدرك أيضا إذا لم يكن عزم يعني لا يوصل إلى شيءٍٍِ البتة إلا بالعزم عليه وإذا كنت تحتاج إلى لاعز لنيل القريب وتدركه بالعزم فأعزم أيضا على البعيد لنناله ولا يمنعك منه خوف بعده فإنه يقرب بالعزم ويمكن
وإني لمن قومٍ كأن نفوسنا ... بها أنف أن تسكن اللحم والعظما
أي إنا نتعرض أبدا للحرب لنقتل فكأن نفوسنا تأنف أن تسكن أجسادا هي لحم وعظم فهي تتطلع لسكنى غيرها أي تختار القتل على الحياة ولو قال كأن نفوسهم كان أوجه لاعادة الضمير على لفظ الغيبة لكنه قال نفوسنا لأنهم هم القوم الذين عناهم ولأن هذا امدح
[كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي ... ويا نفس زيدي في كرائهها قدما]
يقول للدنيا أنا كما وصفت نفسي لا أقبل ضيما ولا آسف لدنية فاذهبي عني إن شئت فلست أبالي بك ويا نفس زيدي تقدما فيما تكرهه الدنيا من التعزز والتعظم عليها وترك الانقياد لها وإن شئت قلت في كرائه أهلها يعني في الحروب وهي مكروهة عند أهل الدنيا ولذلك تسمى الحرب الكريهة فيكون الكلام من باب حذف المضاف.
[فلا عبرت بي ساعة لا تعرني ... ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما]
وجعل قوم يستعظمون ما قال في آخر هذه القصيدة فقال
يستعظمون أبياتاً نأمت بها ... لاتحسدن على أن ينئم الأسدا
أبيات تصغير أبيات وإنما صغرها تحقيرا لها يعني أنهم يستعظمونها وأنا أحقرها وجعل صوته نئيما إلى أنه أسد في شجاعته
[لو أن ثم قلوبا يعقلون بها ... أنساهم الذعر مما تحتها الحسدا]
يقول لو أنها لهم عقولا لأنستهم ما تضمنته أبياتي من الوعيد الحسد وثم اشارةٌ إلى حيث هم والمعنى لو أن لهم أو معهم.
قال يمدح القاضي أبا الفضل أحمد بن عبد الله بن الحسن الأنطاكي
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرت أنت وهن منعك أواهل