أي بكم صار للناس معنى يريد أن المعاني توجد فيهم وغيرهم كاللغو من الكلام الذي لا معنى له وهذا كقوله والجهر لفظ وأنت معناه وقال يمدحه ويذكر الورد
[قد صدق الورد في الذي زعما ... أنك صيرت نثره ديما]
كان قد نثر الورد والورد لم يزعم شيئاً وإنما استدل بحاله على أنه لو زعم لقال هذا وأنه نثره كما ينثر المطرُ
كأنما مازج الهواء به ... بحر حوى مثل مائهِ عنما
كأن الهواء مازجه بذلك الورد المفرق فيه بحر من العنم يريد كثرة الورد في الهوء شبهه ببحرٍ جمع من العنم مثل مائه في الكثرة ويروي مائج
ناثره ناثر السيوف دماً ... وكل قولٍ يقولهُ حكما
يقول الذي نثر هذا الورد ينثر السيوف أي يفرقها في أعدائه وهي دم أي متلطخة به فكأنها دم وجعل الدم في موضع الحال كأنه قال ناثرٌ السيوف متلخطة بالدم وناثر كل ما يقوله بالحكم أي إذا قال قولا قال حكمةً ومن نصب كل قال ابن جنى نصبه لأنه عطفه على المعنى كما تقول هذا ضارب زيدٍ وعمرا ومنه قوله تعالى وجاعل الليل سكنا والشمس على معنى وجعل الشمس
[والخيل قد فصل الضياع بها ... والنعم السابغات النقما]
يقال فصل العقد إذا نظم فيه أنواع الخرز فجعل كل نوع مع نوع ثم فصل بين الأنواع بذهب أو شيء آخر هذا هو الأصل في تفصيل العقود ثم يسمى نظم العقد تفصيلا فيقال عقد مفصل إذا كان منظوما ومنه قول امرء القيس، تعرض أثناء الوشاح المفصلِ، والمعنى أنه جمع هذا الأشياء بالخيل أي تمكن من جمعها بالخيل وجعل جمعها تفصيلا لأنها أنواع فجعل ذلك كتفصيل العقد والمعنى أنه ينثر الخيل أي يفرقها في الغارة ثم ذكر أنه جمع بها هذه الأشياء التي ذكرها من النعم لأوليائه والنقم لاعدائه
فليرنا الورد إن شكا يدهُ ... أحسن منه من جودها سلما
هذه رواية ابن جنى وغيره يرويه أحسن من جودها إذا سلما أي فليرنا أحسن من الورد إذا سلم من وجودها يعني أنه ينثر الدراهم والدنانير ولا تسلم من جود يده وهي أحسن من الورد
[وقل له لست خير ما نثرت ... وإنما عوذت بك الكرما]
أي قل للورد لست خير ما نثرت يده وإنما جعلتك عوذةً للكرم
[خوفا من العين أن تصاب بها ... أصاب عينا بها تصاب عمى]
روى ابن جنى بها يعان من قولهم عين الرجل فهو معينٌ ومعيون إذا أصابته العين يقول أعمى الله عينا يعان بها وهذه قطعة في نثر الورد غير مليحةٍ وليس المتنبي من أهل الأوصاف وهي كالقطعة التي وصف فيها كلام أبي الفتح بن العميد وقال أيضا يمدحه وقد ورد عليه الخبر بإنهزام وهسوذان الكردي
أثلث فإنا أيها الطلل ... نبكي وترزم تحتنا الإبلُ
أثلث أي كن ثالثا من قولهم ثلثت الرجلين أثلثهما إذا صرت ثالثهما والأرزام حنين الناقة يقول للطلل كن ثالثنا في البكاء على فقد الأحبة فإنا نبكي والإبل ترزم بحنين كالبكاء ومن هذا قول التهامي، بكيت فحنت ناقتي فأجابها، صهيل جوادي حين لاحت ديارها،
[أولا فلا عتب على طلل ... إن الطلول لمثلها فعل]
أو ل تبك فلا عتب عليك في ترك البكاء فإن الطلول فاعلة لمثل هذه الفعلة من ترك المساعدة على البكاء لأنه ليس من عادتها البكاء
[لو كنت تنطق قلت معتذرا ... بي غير ما بك أيها الرجل]
يقول للطلل لو كنت ذا نطق لاعتذرت في ترك البكاء بما ذكر في قوله
[أبكاك أنك بعض من شغفوا ... لم أبك أني بعض من قتلوا]
أي لقلت لي الذي بي أكثر مما بك لأنهم شغفوك حبا فأذهبوا قلبك وقتلوني بارتحالهم عني والقتيل لا يقدر على البكاء
[إن الذين أقمت وارتحلوا ... أيامهم لديارهم دول]
هذا من كلام الطلل أيضا يقول إن الذين ارتحلوا وأقمت بعدهم أو أقمت على خطاب المتنبي ديارهم تعمر بنزولهم أيام مقامهم وتخرب بارتحالهم هذا معنى قوله أيامهم لديارهم دول
[الحسن يرحل كلما رحلوا ... معهم وينزل حيثما نزلوا]
[في مقلتي رشأ تديرهما ... بدوية فتنت بها الحلل]
يقول الحسن في مقلتين مستعارتين من رشأ تديرهما امرأة بدوية صارت الحلل وهم القوم الذين حلوا معها مفتونين بها لحسنها
تشكو المطاعم طول هجرتها ... وصدودها ومن الذي تصل