عادٍ ظالم متعد وعنى بالماجد سيف الدولة يقول الماجد إذا لم يكن له عوذة من العيوب عادٍ ظالم متعد وعنى بالماجد سيف الدولة يقول الماجد إذا لم يكن له عوذة من العيوب فكان الردى أسرع إليه أي لبراءتك من العيوب يسرع الهلاك في اموالك وهذا اظهر من أن يجعل الماجد هو المرثي فيقال إنما قصده الهلاك لبراءته من العيب لأن الماجد هو الكامل الشرف وسيف الدولة بهذا النعت أولى من عبده سيما وقد جعله لا عيب له يصرف عنه العين ويكون له كالعوذة وهذا كقول الشاعر، شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ، من شعر أعينهم بعيبٍ واحدِ، ومثله، قد قلت حين تكاملت وغدت، أفعاله زينا من الزين، ما كان أحوج ذا الكمال إلى عيبٍ يوقيه من العين،
ولولا أيادي الدهر في الجمع بيننا ... غفلنا فلم نشعر له بذنوبِ
يقول لولا أن الدهر أحسن إلينا في الجمع بيننا ما كنا نعلم ذنوبه في التفريق أي باحسانه عرفنا اسآءته وهذا كالأعتذار للدهر في التفريق ثم عاد إلى ذمه فقال
وللترك للإحسان خير لمحسنٍ ... إذا جعل الإحسان غير ربيبِ
يقول كل محسن لم يتم احسانه بتربيته وتعهده فترك الإحسان أولى به وهذا كقوله، أبدا تسترد ما تهب الدنيا فيا ليت جودها كان بخلا.
[وإن الذي أمست نزار عبيده ... غني عن استعباده لغريب]
يقول أنه ملك العرب بإحسانه إليهم فلا حاجة به معهم إلى مملوك تركي.
كفى بصفاء الود رقا لمثلهِ ... وبالقرب منه مفخراً لنسيبِ
ذكر أنه استبعد العرب فقال استرقهم بمصافاته وإقباله عليهم بالود ومثله إذا صافى إنسانا استرقه بكثرة الإحسان إليه وكفى بذلك رقا له والباء زائدة في قوله بصفاء وبالقرب.
فعوض سيف الدولة الأجر إنه ... أجل مثابٍ من أجل مثيب
يدعو له بأن يعوضه الله الأجر من المفقود أن الأجر أعظم أثابة من الله الذي هو أجل مثيبٍ والمثاب مصدر مثل الإثابة والضمير في أنه عائد على الأجر ويجوز أن يعود إلى سيف الدولة ويكون المثاب مفعولا من الأثابة والمعنى أن سيف الدولة أجل مثابٍ من عند الله تعالى.
فتى الخيل قد بل النجيع نحورها ... يطاعن في ضنك المقام عصيبِ
يقول إذا بلت الدماء نحور الخيل فهو فتاها الذي يطاعن في ضيق المقام الشديد وتقدير الكلام في يوم ضنك المقام عصيبٍ وهو الشديد.
يعاف خيام الريط في غزواتهِ ... فما خيمهُ إلا غبارُ حروبِ
يقول يكره الاستظلال بالخيام المتخذة من الغزل إنما يستظل بالغبار.
علينا لك الإسعاد إن كان نافعاً ... فما خيمهُ إلا غبار حروبِ
يقول أن نفع اسعادنا أياك على هذه الرزية أسعدناك بشق القلب لا بشق الجيب وهذا من قول أبي تمام، شق جيوباً من رجالٍ لو اسطاعوا لشقوا ما وراء الجيوب، واللفظ لأبي عطاء في قوله، وشققت، جيوب بأيدي مأتمٍ وخدودُ،
فرب كئيبٍ ليس تندى جفونهُ ... ورب كثير الدمع غير كئيبِ
بقول ليس بالبكاء يعلم الحزن فقد يحزن من لا يبكي وقد يكثر دمع من لا يحزن.
تسل بفكر في أبيك فإنما ... بكيت فكان الضحك بعد قريبِ
أبيك يريد أبويك وهي لغة معروفة تقول العرب أب وأبان وأبون وأبين أنشد سيبويه، فلما تبين أصواتنا، بكين وفديننا بالأبينا، وهذه رواية ابن جنى ومن روى أبيك بكسر الباء أراد أباه على اللغة المعروفة يقول تسل عن هذا المفقود بأن تتفكر في مصيبتك بأبيك فأنك بكيت لفقده ثم ضحكت بعد ذلك بزمانٍ قريبٍ كذلك حزنك لأجل هذه المصيبة سيذهب عن قريب.
إذا استقبلت نفس الكريم مصابها ... بخبثٍ ثنت فاستدبرته بطيبِ
المصاب ههنا مصدر كالإصابة وأراد بالخبث الجزع وبالصيب الصبر يقول إذا استقبل الكريم أصابة الدهر إياه بالجزع راجع عقله بعد ذلك فعاد إلى الصبر وترك الجزع ومعنى قوله ثنت أي صرفت والفعل للنفس والتقدير ثنته أي صرفت الخبثَ.
وللواجد المكروب من زفراته ... سكون عزاء أو سكون لغوبِ
يقول لا بد للمحزون أن يكون له سكون أما أن يسكن عزاء وأما أن يسكن أعياء فالعاقل يسكن تعزيا كما قال محمود الوراق، إذا أنت لم تسل اصطبارا وحسبةً، سلوت على الأيام مثل البهائم، وكما قال أبو تمام، أتصبر للبلوى عزاء وحسبةً، فتؤجر أم تسلو سلو البهائم