للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاغتفار افتعال من المغفرة يقال غفر له واغتفر يقول كفاك القتال عفوك وتجاوزك ولو غيرك السخط من ذلك الاغتفار كست رؤوس الأعداء بحوافر الخيل حتى تصير هامهم نعالا لنعالها والكناية في هامهم تعود إلى الأعداء ودل عليه قوله عيش شانيك

[لجياد يدخلن في الحرب أعرا ... ء ويخرجن من دم في جلال]

هذا البيت مضمن بالذي قبله لأن تمام الكلام نعال النعال لجياد وإعراء جمع عرى يقال فرس عريٌ وأفراس أعراء والمعنى أنها تدخل الحرب اعراء من الجلال ثم تخرج منها وعليها كالجلال من الدم الذي جف عليها كما قال، وتنكر يوم الروع ألوان خيلنا، من الطعن حتى تحسب الجون أشقرا، ويبعد أن يقال أنها اعراء من السرج واللبد والجلال جمع جل ويقال إجلال أيضا وذكر سيبويه الجلال في الآحاد وقال في جمعه أجلة

[واستعار الحديد لونا وألقى ... لونه في ذوائب الأطفال]

يقول سيوفه مستعيرة معيرة فإن لون الذوائب وهو السواد ينتقل اليها وذلك إن الدماء إذا جفت عليها اسودت ولونها وهو البياض ينتقل إلى الذوائب فإنها بالروع تشيب الأطفال

أنت طوراً أمر من ناقع الس ... م وطوراً أحلى من السلسال

الناقع من السم الثابت في بدن شاربه لا يفارقه حتى يقتله والسلسال الماء العذب الذي يتسلسل في الحلق يقول أنت سم لاعدائك حلو لاولياءك وهذا المعنى يستعمل كثيرا قال أبو داود، فهم للملاينين أناة، وعرام إذا يرام العرام، وقال أيضا بشاء، يلين حينا وحينا فيه شدته، كالدهر يخلط ايساراً بإعسار، وقال أبو نواس، حذر أمرء نصرت يداه على العدي، كالدهر فيه شراسة وليان، ونقله أبو الشيص إلى السيف فقال، وكالسيف إن لاينته لأن متنه، وحداه إن خاشنته خشنان، وهذا المعنى أراد أبو الطيب في قوله، متفرق الطعمين، البيت

[إنما الناس حيث أنت وما النا ... س بناس في موضع منك خالي]

وقال يمدح أبا عليّ هارون بن عبد العزيز الأوارجي الكاتب

[أمن ازديارك في الدجى الرقباء ... إذ حيث أنت من الظلام ضياء]

يقول أمن رقباءك أن تزوريني ليلا إذ حيث أنت ضياء بدلا من الظلام يعني في الليل وأنت ابتداء وضياء خبره وهما جملة أضيف حيث إليها ومن ههنا للبدل لأن الضياء لا يكون من نجنس الظلام ويروى إذ حيث كنت وعلى هذا ضياء ابتداء وخبره محذوف على تقدير حيث كنت من الظلام ضياء هناك وكان لا يحتاج إلى خبر لأنه في معنى حصلت ووقعت وإذا ظف لمن يقول امنوا ذاك حيث كنت بهذه الصفة ولم يفسر أحد من إعراب هذا البيت ما فسرته وكان هذا البيت بكرا إلى هذا الوقت والمعنى أنها لكونها نورا وضياء لا تخرج ليلا لأن الرقباء يشعرون بخروجها حين يرون الظلام ضياء وهذا من قول عليّ بن جبلة، بأبي من زارني مكتتما، حذراً من كل واشٍ فزعا، طارقا نم عليه نوره، كيف يخفى الليل بدراً طلعا، ثم قال أيضا، رصد الخلوة حتى أمكنت، ورعى السامر حتى هجعا، كابد الأهوال في زورته، ثم ما سلم حتى ودعا، ثم أكد هذا المعنى فزاد فيه وقال

قلق المليحة وهي مسك هتكها ... ومسيرها في الليل وهي ذكاء

<<  <   >  >>