دون الحلاوة في الزمان مرارةٌ ... لا تختطي إلا على أهوالهِ
يقول لا يوصل إلى حلاوة الزمان إلا بعد ذوق مرارته ولا تتجاوز تلك المرارة إلا بارتكاب الأهوال كما قال، ولا بد دون الشهد من إبر النحل، وقوله على أهواله علي يتضمن معنى الركوب أي تركب إلى حلاوة أهوال الزمان للوصول إليها كما يقال لا تقطع الفلاة إلا على الإبل
فلذاك جاوزها على وحده ... وسعى بمنصله إلى آمالهِ
أي فلهذا توحد عليّ بوجود المملكة وهي حلاة الزمان لأنه لا يركب الأهوال غيره وسعى بسيفه إلى ما كان يأمله فأدركه حين طلبه بالسيف.
وقال أيضا يمدحه.
أنا منك بين فضائل ومكارمِ ... ومن ارتياحك في غمامٍ دائمِ
يقول أنا منك بين فضائل ذاتيةٍ وهي أوصاف ذاتك ومكارم فعلية هي صفات فعلك ومن اهتزازك للعطاء في غمام يدوم لي مطره.
[ومن احتقارك كل من تحبوبه ... فيما ألاحظه بعيني حالم.]
يقول أستعظم احتقارك ما تعطيه حتى كأني لا أعاينه في اليقظة وإنما أراه حلما وما في قوله فيما ألاحظه نكرةٌ كأنه قال في شيء ألاحظه وليست بموصولة.
إن الخليفة لم يسمك سيفها ... حتى بلاك فكنت عين الصارمِ
أي لم يسمك الخليفة سيف الدولة إلا بعد أن جربك فكنت صارما حقيقةً.
فإذا تتوج كنت درة تاجهِ ... وإذا تختم كنت فص الخاتمِ
يقول الخليفة يتجمل بك تجمل التاج بالدر والخاتم بالفص.
وإذا انتضاك على العدى في معركٍ ... هلكوا وضاقت كفهُ بالقائمِ
يقول وإذا جردك على عدو هلك ذلك العدو وعجز عن حملك يعني أنك أجل من أن تكون سيفه.
أبدى سخاؤك عجز كل مشمرٍ ... في وصفه وأضاق ذرع الكاتمِ
أي من تشمر لوصف جودك أظهر جودك عن وصفك كما قال، وكل من أبدع في وصفه، أصبح منسوبا إلى العي، ومن كتم وصف جودك ضاق ذرعه لأنه يريد أن يصف جودك ويعلم عجزه فيضيق صدره لذلك.
وقال يمدح سيف الدولة وقد أمر له بفرس دهماء وجارية.
أيدري الربع أي دمٍ أراقا ... واي قلوبِ هذا الركب شاقا
يقول هذا الربع هل يدري ما فعل من إراقة دمي وحمل قلبي على الشوق وهذا استفهام انكار واستعظام لما فعله الربع من قتله بشوقه إلى أحبته وذلك أن الربع هيج له شوقا وجدد له ذكر الأحبة وكان من حق ترتيب الكلام أن يقدم في الإرادة.
لنا ولأهله أبداً قلوبٌ ... تلاقى في جسومٍ ما تلاقي
يقول لنا وللذين كانوا أهل هذا الربع قلوبٌ تتلاقى في جسومٍ ما تتلاقى يعني نحن نذكرهم وهم يذكروننا فكأننا نتلاقى بالقلوب كما قال ابن المعتز، إنا على البعاد والتفرقِ، لنلتقي بالذكر إن لم نلتقِ،
وما عفت الرياح له محلاً ... عفاه من حدا بهم وساقا
يقول لم تعف الرياح لهذا الربع مهنزلا فلا ذنب للريح في دروس منازله إنما عفاه الحادي بسكانه والسائق لأنهم لو لم يخرجوا منه لما درس الربع وهذا قريب من قول أبي الشيص، ما فرق الألف بعد الله إلا الإبل، والناس يلحون غراب البيت لما جهلوا، وما إذا صاح غراب في الديار احتملوا، ولا على ظهرِ غراب البيت تطوي الرحلُ، وما غراب البيت إلا ناقةٌ أو جملُ،
فليت هوى الأحبة كان عدلاً ... فحمل كل قلب ما أطاقا
أي ليت هوى الأحباب كان عادلا في فعله فكان يحمل على كل قلب بقدر طاقته وفي هذا اشارة إلى أنه اعشق العشاق وإن الهوى حمله ما لا يطيقه جورا عليه.
[نظرت إليهم والعين شكري ... فصارت كلها للدمع مأقا]
أي نظرت إلى الأحبة عند ارتحالهم والعين ممتلئة بالماء فسال الماء من جميع جوانبها لامتلائها بالماء حتى كان جميع الجوانب مآقٍ لسيلان الدمع منها.
[وقد أخذ التمام البدر فيهم ... وأعطاني من السقم المحاقا]
أي الحبيب الذي هو كالبدر أخذ التمام في الحسن والنور وأنا لسقمي كأنه اعطاني المحاق والمعنى أنه كان في الحسن كالبدر ممتلئا نورا وبهاء وكنت أنا في الدقة كالقمر في المحاق ومن هذا أخذ قوله من قال، يا من يحاكي البدر عند تمامهِ، أرحم فتًى يحكيه عند محاقه،
وبين الفرع والقدمين نور ... يقود بلا أزمتها النياقا