أي لم يكن هناك سؤال ولا جواب ولكنه جعل طلبه إياهم في الفلوات كسؤالها عنهم وجعل ظفره بهم كالجواب منهم
فقاتل عن حريمهم وفروا ... ندى كفيك والنسب القرابُ
أراد أن ندى كفيه وقرب النسب قاما لهم مقام من يذب عنهم ويقاتل دونهم وذلك أنه ظفر بالنساء والحرم فأحسن اليهن وحماهن عن السبي لاجل النسب بينه وبينهن
[وحفظك فيهم سلفي معد ... وأنهم العشائر والصحاب]
يريد أنك حفظت فيهم القرابة التي بينك وبينهم من جانب ربيعة ومضر ابني نزار بن معد وأنهم عشائرك وأصحابك
تكفكف عنهم صم العوالي ... وقد شرقت بظعنهم الشعابُ
أي تكف عنهم الرماح وقد امتلأت شعاب الجبال بظعنهم ونسائهم
وأسقطت الأجنة في الولايا ... وأجهضت الحوائل والسقابُ
أي لشدة ما لحقهم من العتب في الهرب اسقطت نساؤهم أولادهن في برادع الإبل وأسقطت نوقهم الإناث والذكور من أولادها والولايا جمع ولية وهي كساء يطرح على ظهر البعير وأجهطت الناقة ولدها رمت به سقطا والحوائل جمع حائل وهي الأنثى من أولاد الإبل والسقب الذكر منها
وعمرو في ميامنهم عور ... وكعب في مياسرهم كعابُ
عمرو قبيلة ذهبت ذات اليمين وتفرقت فصارت عمروا وكعب ذهبت ذات اليسار وتفرقت فصارت كعابا كما قال معاوية بن مالك، فأمسى كعبها كعباً وكانت، من الشنان قد دعيت كعابا،
[وقد خذلت أبو بكر بنيها ... وخاذلها قريط والضباب]
هؤلاء بطون بني كلاب وجعل أبا بكر بن كلاب قبيلة فلذلك أنث والمعنى أن بعضهم خذل بعضا لتشاغلهم بأنفسهم
[إذا ما سرت في آثار قوم ... تخاذلت الجماجم والرقاب]
قال ابن جنى أصل التخاذل التأخر وإذا تأخرت الجمجمة والرقبة فقد تأخر الإنسان أي لما سرت وراءهم كان رؤسهم تأخرت لادراكك إياهم وإن كانت في الحقيقة قد اسرعت قال أبو الفضل العروضي ما أبعد ما وقع من الصواب وتخاذل الجماجم والرقاب هو أن يضربها بالسيف فيقطعها ويفصل بينهما فتساقط فكان كل واحد منهما خذل صاحبه وقد رجع أبو الفتح إلى نحو هذا القول فذكر قريبا من هذا وعندي في معنى هذا البيت غير ما ذكراه وهو أنه يقول أن الرؤوس تتبرأ من الأعناق والأعناق منها خوفا منك فلا يبقى بينهما التعاون كما قال أيضا، أتاك يكاد الرأس يجحد عنقه، البيت وقد مر وهذا المعنى اراد الخوارزمي فذكره في ثلاثة أبيات وقال، وكنت إذا نهدت لغزو قوم، وأوجبت السياسة أن يبيدوا، تبرأت الحيوة إليك منهم، وجاء إليك يعتذر الحديد، وطلقت الجماجم كل قحف، وأنكر صحبة العنق الوريد،
[فعدن كما أخذن مكرمات ... عليهن القلائد والملاب]
الملاب ضرب من الطيب وهو فارسي معرب ومنه قول جرير، تطلي وهي سيئة المعرى، بصن الوبر تحسبه ملابا، يقول عادت النساء إلى أماكنهن لم يصب منهن شيء من حليهن وما عليهن من الطيب
[يثبنك بالذي أوليت شكرا ... وأين من الذي تولى الثواب]
يشكرنم بإحسانك إليهن وأين موقع الثواب مما توليه أي أن إحسانك لا يقابل بشيء
[وليس مصيرهن إليك شينا ... ولا في صونهن لديك عاب]
ويروي سبيا ويروي كونهن أي صيانتك إياهن لم تعبهن
[ولا في فقدهن بني كلاب ... إذا أبصرن غرتك إغتراب]
يقول لا غربة عليهن إذا رأينك وأن بعدن عن أزواجهن وأقاربهن
[وكيف يتم بأسك في أناس ... تصيبهم فيولمك المصاب]
يقول لا يتم فيهم بأسك لأنك متى أصبتهم بمكروه آلمك ذلك وإذا كانت الحالة هذه فإصابتك إياهم إصابة نفسك وهذا كقول الحارث بن وعلة، ولئن سطوت لأوهنن عظمي، وكقول العديل بن الفرج، وإني وأن عاديتهم وجفوتهم، لتألم مما عض أكبادهم كبدي، وكقول قيس بن زهير، وإن أك قد بردت بهم غليلي، فلم أقطع بهم إلى بناني،
[ترفق أيها المولى عليهم ... فإن الرفق بالجاني عتاب]
يقول ارفق بهم وإن جنوا فإن من رفق بمن جنى عليه كان ذلك الرفق عتابا وذلك أن الرفق بالجاني والصفح عنه يجعله عبدا لك كما قال، وما قتل الأحرار كالعفو عنهم،
[وإنهم عبيدك حيث كانوا ... إذا تدعو لحادثة أجابوا]
[وعين المخطئين هم وليسوا ... بأول معشر خطئوا فتابوا]
وأنت حيوتهم غضبت عليهم ... وهجر حيوتهم لهم عقاب