يعني أنه اغطى بمحاسنه مساوي الدهر ويجمل الزمان به تجمل السلك إذا نظم فيه الدر ومن روى بها عادة الكناية إلى العطايا والمعنى لبس الزمان من عطاياه ما لبس السلك من الدر
[تلذ له المروة وهو تؤذى ... ومن يعشق يلذ له الغرام]
المروة تؤذي صاحبها بما فيها من التكاليف وهي مع ما فيها لذيذة له كالعشق لذيذ مع ما فيه من النصب وقد قال أبو الطيب، والعشق كالمعشوق يعذب قربه، للمبتلي وينال من حوبائه،
[تعلقها هوى قيس لليلى ... وواصلها وليس به سقام]
يقول عشق المروة كما عشق قيس المجنون ليلى غير أنه واصل المروة فلم يورثه حبها سقما كما أورث عشق ليلى قيسا الجنون لما لم يجد إليها سبيلا
[يروع ركانة ويذوب ظرفا ... فما يدري أشيخ أم غلام]
يروع يفزع والركانة الوقار ورجل ركين وقور يعني أنه جمع بين وقار الشيوخ وظرافة الفتيان
[وتملكه المسائل في نداه ... فأما في الجدال فما يرام]
يريد أنه منقاد لسؤال من سأله جدل صعب لا يرام عند المسائل في الجدال والمعنى أن المسائل الواردة عليه من جهة السؤال تملكه حتى لا يمكنه رد مسألة منها بالخيبة فما المسائل في الجدال فإنه لا يطاق فيها
[وقبض نواله شرف وعز ... وقبض نوال بعض القوم ذام]
هذا كقول أمية، عطاؤك زين لامرء إن اصبته، بخير وما كل العطاء يزين، وليس بعار لامرء بذل وجهه، إليك كما بعض السؤال يشين،
أقامت في الرقاب له أيادٍ ... هي الأصواق والناس الحمام
الحمام عند العرب اسم لذوات الأطواق وهي توصف باللزوم لها لانها لا تفارقها يقول نعمه وأياديه لازمة لرقاب الناس كما تلزم الأطواق الحمام يعني أن الناس تحت مننه وأياديه وهذا كما قال السري، وطوقت قوما في الرقاب صنائعا، كأنهم منها الحمام المطوق،
[إذا عد الكرام فتلك عجل ... كما الأنواء حين تعد عام]
يقول إذا عد الكرام لم يتجاوز العد هذه القبيلة لبطلان من عداهم كما أن الأنواء من سقوط أولها إلى سقوط آخرها هي العام كذلك عجل هم الكرام والتقدير كما أن الأنواء عام حين تعد والمعنى من أراد أن يعد الكرام في الدنيا فليقل بنو عجل فإنهم يشملون جميع الكرام كما أن الأنواء بطلوعها وسقوطها تشتمل جميع العام وذلك إن لكل شهرٍ من شهور العام نوء فإذا عدت تلك الأنواء فهي عام تام
[يقي جبهاتهم ما في ذراهم ... إذا بشفارها حمى اللطام]
ما في ذراهم يعني السيوف لأنها تقلد في أعالي البدن يقول سيوفهم تحمى وجوههم إذا اشتدت الملاطمة بشفار السيوف وروى ابن جنى تقي جبهاتهم ما في ذراهم فقال أي يتلقون الحديد بوجوههم ليدفعوا عن حرمهم وقال وأضمر السيوف في شفارها وإن لم يجر لها ذكر والمعنى على هذه الرواية أنهم يذبون عمن استذرى بهم
[ولو يممتهم في الحشر تجدو ... لأعطوك الذي صلوا وصاموا]
تجدو تطلب جدواهم وهذا من قول بكر بن النطاح، ولو لم يجز في العمر قسم لمالك، وجاز له الإعطاء من حسناته، لجاد بها من غير شرك بربه، وأشركنا في صومه وصلوته، وقال أبو العتاهية، فمن لي بهذا البيت أنى اصبته، فقاسمته ما لي من الحسنات، ومثل هذا لمن اقتدى بأبي الطيب، ولو جاءه يوم القيامة سائل، تعرى له عن صومه وصلاته،
[فإن حلموا فإن الخيل فيهم ... خفاف والرماح بها عرام]
العرام الشراسة يقول أن كانوا حلماء ذوي وقار فإن خيلهم خفاف في العدو ورماحهم عارمة على الأعداء
[وعندهم الجفان مكللات ... وشزر الطعن والضرب التوأم]
مكللات جعل اللحم عليها كالإكاليل كما قال زياد بن منقد الهلالي، ترى الجفان من الشيزي مكللةً، والشزر ما أدير به عن الصدر التوأم جمع توأم على غير قياس أي الضرب المتدارك المتوالى والمعنى أنهم مطاعيم مطاعين
[نصرعهم بأعيننا حياء ... وتنبو عن وجوههم السهام]
يريد أنهم رقاق الوجه لفرط الحياء وإذا نظرنا إليهم صرعناهم أي قدرنا عليهم وعند الحرب تنبو السهام عن وجوههم
[قبيل يحملون من المعالي ... كما حملت من الجسد العظام]
يعني أن المعالي مشتملة عليهم اشتمال اللحم والجلد على العظام والمعنى أنهم للمعالي كالعظام للأجسام
قبيل أنت أنت وأنت منهم ... وجدك بشر الملك الهمام