يقول إذا رأيتك تدفع عن عرض وتحمي دونه علمت يقينا أن الله تعالى يريد نصر ذلك الذي تحميه وإنما عنى أبو الطيب بهذا نفسه لأن سيف الدولة أجمل ذكره يريد أن الله تعالى ينصرني على حسادي وأعدائي حيث جعلك تمدحني وتحسن القول في وهذه القافية فيها خلل واضطراب لأنها رائية لقوله نصره لأن هء الإضمار إذا تحرك ما قبله لم تكن إلا وصلا ولا تكون حرف روى فإذا كانت القافية رائية فالهاء في تكره وصل أيضا وإن كان لام الفعل كقول الشاعر، أعطيت فيها طائعا أو كارها، حديقة غلباء في أشجارها، فالشعر رائي وإحدى الهائين وصل والثانية أصل وإذا كان الأمر على ما ذكرنا كان قوله أشبه في هذه القافية خطأ لأن الهاء فيه الأصل وقد ألحقه بواو ولا يجوز ذلك إلا في القافية وكان من حقه أن يجعل القافية هائية أو بائية فكأنه قال في قافية حمالها وفي الأخرى حمارها وهذا فاسد ويمكن أن يجعل له وجه على البعد فيقال أنه الحق الواو في أشبه لا على أنه قافية ولكن على لغة من قال هذا زيدو ومررت بزيدي فيلحق الواو والياء بالمرفوع والمجرور كما يلحق الألف بالمنصوب وهذا لغة أزد شنؤة أو نقول أشبع ضمة الهاء فألحقها واوا ولا يريد أن يجعلها أصلا كقول من قال، من حيثما سلكوا آتي فأنظورو، وعلى هذا يتوجه قول أبي تمام، يقول فيسمع ويمشي ويسرع، ويضرب في ذات الإله فيوجع، وقال وقد أجمل سيف الدولة وصفه
[رب نجيع بسيف الدولة انسفكا ... ورب قافية غاظت به ملكا]
يقول رب دم انصب به أي بسببه لأنه صبه أو أمر بصبه ويريد بالقافية القصيدة يقول رب قصيدة مدح بها فغاظت تلك القصيدة ملكا حيث حسده عليها لحسنها
[من يعرف الشمس لا ينكر مطالعها ... أو يبصر الخيل لا يستكرم الرمكا]
يقول من عرفك لم يحجد فضلك كالشمس لا يدفع إرتفاعها من يعرفها ومن رآك لم يستعظم غيرك ويروى لا يستفره والرمك إناث الخيل التي تتخذ للنسل
[تسر بالمال بعض المال تملكه ... إن البلاد وإن العالمين لكا]
يقول الناس كلهم لك فإذا وهبت أحدا شيئا فقد سررت بمالك لأن الكل لك وقال وقد توسط اجبالا في طريق آمد
[يؤمم ذا السيف آماله ... ولا يفعل السيف أفعاله]
يقول هو سيف يقصد ويطلب ما يأمله والسيف لا يفعل هذا الفعل
[إذا سار في مهمة عمه ... وإن سار في جبل طاله]
إذا سار في الأرض السهل عمه بجنوده وإن سار في الجبل علاه فصار فوقه وليس هذا من أفعال السيف
وأنت بما نلتنا مالك ... يثمر من ماله مالهُ
يقول أنت بما تعطينا مالك يجعل ماله ثمرة لبعض ماله ويقال نال ينول إذا أعطى
[كأنك ما بيننا ضيغم ... يرشح للفرس اشباله]
الترشيح التغذية ومنه قول سعد بن ناشب، فيا لرزام رشحوا بي مقدما، يقول تضرينا على الحرب وتعودنا القتال كما يرشح الأسد أشباله للفرس فيعلمها ذلك وعاتبه بعض الناس في قوله، ليت أنا إذا ارتحلت لك الخيل وأنا إذا نزلت الخيام، وقال الخيام تكون فوقه فقال
[لقد نسبوا الخيام إلى علاء ... أبيت قبوله كل الإباء]
يقول ذكروا أن الخيام فوق سيف الدولة وأبيت قبول ذلك لأني لا أسلم إن شيئا فوقك وهو قوله
[وما سلمت فوقك للثريا ... ولا سلمت فوقك للسماء]
أي لا أسلم للثريا إنها فوقك ولا للسماء فتى أسلم العلو للخيام يعني أن رتبتك فوق كل شيء فأنا لا أسلم إن شيئا فوقك في الرتبة والقدر
[وقد أوحشت أرض الشام حتى ... سلبت ربوعها ثوب البهاء]
يقول لما خرجت من الشام أوحشتها بخروجك حتى سلبتها الجمال الذي كان بها بكونك فيها
[تنفس والعواصم منك عشر ... فيعرف طيب ذلك في الهواء]
يقول تتنفس أنت وهذه البلاد منك على عشر ليال فيعرف من بها طيب نفسك في الهواء وهذا منقول من قول أبي عيينة، تطيب دنيانا إذا ما تنفست، كأن فتيت المسك في دورنا يهبى، والعواصم ثغور معروفة تعصم أهلها بما عليها من الحيطان منها حلب وانطاكية وقنسرين ومعنى والعواصم منك عشر على مسيرة عشرة فحذف حتى أخل بالفظ وذكر سيف الدولة لأبي العشائر جده وأباه فقال أبو الطيب
أغلب الحيزين ما كنت فيه ... وولى النماء من تنميه