أي أنه يقدر على ما لا يقدر عليه غيره حتى يصيب بالمنجنيق ما لا يصيب غيره بالقسيّ التي ترمي بها البنادق وقال يصف أيقاعه بهذه القبائل
طوال قناً تطاعنها قصار ... وقطرك في ندى ووغى بحارُ
أي الرماح الطوال التي تطاعنها قصار في حقك لأنها لا تنالك ولا تبلغك ولانها لا غناء لها معك وكانها قصار كما قال، يحيد الرمح عنك وفيه قصد، ويقصر أن ينال وفيه طول، وقوله وقطرك في ندى أي القليل منك في الجود والحرب كثير حتى يكون القطر بمنزلة البحار
وفيك إذا جنى الجاني أناة ... تظن كرامةً وهي احتقارُ
أي فيك رفق وحلم عن الجاني لا تسرع في عقوبته يظن أن ذلك لكرامة به عليك وهو احتقار له عن المكافاة لا كرامة
وأخذ للحواضر والبوادي ... بضبطٍ لم تعوده نزار
يقول أنت تأخذ أهل الحضر والبدو بسياسة وضبط لم تتعود العرب تلك السياسة
تشممه شميم الوحش إنساً ... وتنكره فيعروها نفارُ
يقول العرب تدنو من طاعتك فإذا أحست بما عندك من السياسة انكرت ذلك أنكار الوحش إذا شمت ريح الأنس فتنفر ويصيبها نفار
وما انقادت لغيرك في زمانٍ ... فتدري ما المقادة والصغارُ
المقادة الأنقياد والصغار الذل يقول العرب لا تعرف هذا لأنهم ما انقادوا لأحد
[وأفرحت المقاود ذفرييها ... وصعر خدها هذا العذار]
الصحيح رواية من روى بالغاء اثقلت يقال أفرحه الدين أي أثقله يقول لما وضعت على العرب المقاود لتقودهم إلى طاعتك أثقلت مقاودك رؤسهم لأنك ضبطتهم ومنعتهم عن التلصص والغارة فصاروا كالدابة التي تقاد بحكمة شديدة وشكيمة ثقيلة والذفرى من خلف الأذنين ويجمع على ذفارٍ وذفاري كما قالوا عذار وعذارى ومدارٍ ومدارى وصحارٍ وصحارى ومن روى بالقاف فمعناه جعلتهم قرحا أي بلغت في رياضتهم حتى جعلتهم كالقرح في الذل والانقياد والصحيح هو الأول لأن الذفرى لا تختص بالذل والانقياد إلا على البعد وقوله وصعر خدها أي أماله وجذبه إلى جهة الطاعة هذا العذار الذي وضعته على خدهم وأراد الذفارى والخدود وذكر الذفرى بلفظ التثنية والخد بلفظ التوحيد وهو يريد بكليهما الجمع
[وأطمع عامر البقيا عليها ... ونزقها احتمالك والوقار]
لم يصرف عامر لأنه أراد القبيلة ولذلك أنثها والبقيا أسم من الإبقاء ويقول أطمعهم في العصيان أبقاؤك عليهم وتركك قصدهم والإيقاع بهم وحملهم على النزق وهو الخفة والطيش احتمالك وحلمك عنهم وتوقفك عن اهلاكهم
وغيرها التراسل والتشاكي ... وأعجبها التلبب والمغارُ
يقول غيرها عن الطاعة انها كانت ترسل إليك الرسل وتشكوا ما يجري عليها من سراياك واغترت بتحزبها وتأهبها ولبسها الأسلحة وكثرة غاراتها على النواحي والأطراف ثم وصف كثرة خيلهم وعددهم
جياد تعجز الأرسان عنها ... وفرسان تضيق بها الديارُ
أي لهم من الخيل ما لا تسعها الأرسان لكثرتها ولقوتها لا تضبطها الأرسان ومن الفرسان ما تضيق به الأماكن
[وكانت بالتوقف عن رداها ... نفوسا في رداها تستشار]
يقول كنت تتوقف عن اهلاكهم جريا على عادتك في الصفح والعفو فكانوا بمنزلة من يستشار في اهلاكه وكانوا هم بعتوهم وإقامتهم على غيهم كأنهم يشيرون عليك بأن تقتلهم
وكنت السيف قائمه إليهم ... وفي الأعداء حدك والغرارُ
فأمست بالبدية شفرتاه ... وأمسى خلف قائمهِ الحيارُ
يقول كنت سيفا لهم قائمه في أيديهم وحده في أعدائهم إلى أن عصوك فصارت شفرتاه حيث هم وهو البداية أي قطعتهم بشفرتيه في منازلهم وجاوزت الحيار إليهم فصار خلفك وهذا ظاهر وتخبط ابن جنى وابن فورجة في تفسير البيت الثاني ولم يعرفا معناه والحيار والبدية ماءآن أما الحيار فقريب إلى العمارة والبدية واقعة في البرية وبينهما مسير ليلةٍ
وكان بنو كلابٍ حيث كعب ... فخافوا أن يصيروا حيث صاروا
يقول كانوا في التمرد والعصيان والمضامة حيث كان كعب فخافوا أن ينزل بهم ما نزل بكعب
تلقوا عز مولاهم بذلٍ ... وسار إلى بني كعبٍ وساروا
استقبلوا سيف الدولة بالخضوع والإنقياد وساروا معه وراء كعب
فأقبلها المروج مسوماتٍ ... ضوامرَ لا هزال ولا شيارُ