يقول منذ جلست محتبيا للحكم بهذه البلدة استوى أمرها واستقام حتى كأن اصحاب الأحقاد قد تصالحوا وهادنوا فزال الشر والظلم والخلاف
[ومذ مررت على أطوادها قرعت ... من السجود فلا نبت على القنن]
أراد أنها على بعدها من التمييز عرفت أنك فوقها وأفضل منها حلما فخضعت لك ومن شعار الخضوع السجود فجعل الخضوع سجودا والمبالغة في السجود أن يتعدى الجبين إلى الرأس والمبالغة فيه أن يتوالى السجود عليه حتى يقرع والقنن جمع قنة وهي أعلى موضع في الجبل
أخلت مواهبك الأسواق من صنعٍ ... أغنى نداك عن الأعمال والمهن
الصنع الصانع الحاذق بيده ومنه قول ابي ذويبٍ، أو صنع السوابغ تبع، والمهن جمع المهنة وهي الخدمة يقول أهل الأسواق من الصنائع قد عطلوها استغناء بعطائك عما كانوا يعملون حتى خلت منهم الأسواق والمعنى أن مواهبك قد انتشرت وفشت بين الناس حتى اصاب منها أهل الأسواق ما استغنوا به عن الأعمال
ذا جود من ليس من دهرٍ على ثقةٍ ... وزهد من ليس من دنياه في وطن
يقول هذا الجود الذي نشاهده منك جودُ من لا يأمن الدهر ويعلم أن المال للحادثات فهو يجود به ليحرز به الحمد والأجر وزهدك زهد من علم أن الدنيا دار قلعة ومحل نقلة فلا تشتغل بعماراتها وجمع المال لها
وهذه هيبةٌ لم يؤتها بشرٌ ... وذا اقتدار لسانٍ ليس في المننِ
فمر وأوم تطع قدست من جبلٍ ... تبارك الله مجرى الروح في حضنِ
حضن جبلٌ بأعلى نجد ومنه المثل أنجد من رأي حضناً جعله كجبل ذي روح في ثباته ووقاره ورزانته وقال يرثي جدته لأمه
ألا لا أري الأحداث حمداً ولا ذما ... فما بطشها جهلا وما كفها حلما
يقول لا أحمد الحوادث السارة ولا أذم الضارة فإنها إذا بطشت بنا أو ضت لم يكن ذلك جهلا منها وإذا كفت عن الضرر لم يكن ذلك حلما يعني أن الفعل في جميع ذلك لله لا لها وإنما تنسب الأفعال إليها استعارة ومجازا
[إلى مثل ما كان الفتى مرجع الفتى ... يعود كما أبدى ويكرى كما أرمي]
يقول كل واحد يرجع إلى ما كان عليه من العدم ويعود إلى حالته الأولى كما أبدى وينقص كما زاد يقال بدا الشيء وأبدى وبدأ الله الخلق وأبدأهم والإكراء النقص والإرماء الزيادة
لك الله من مفجوعةٍ بحبيبها ... قتيلة شوقٍ غير ملحقها وصما
معنى لك الله دعاء لها وعني بالحبيب نفسه وشوقها لم يلحقها عيبا لأنها اشتاقت إلى ولدها
[أحن إلى الكأس التي شربت بها ... وأهوى لمثواها التراب وما ضما]
يعني كاس الموت يقول لا أحب البقاء بعدها وأحب لأجل مقامها في التراب التراب وما ضمه التراب يعني شخصها أو كل مدفون في التراب وحبه التراب يجوز أن يكون حبا للدفن فيه ويجوز أن يحب التراب لأنها فيه
[بكيت عليها خيفة في حيوتها ... وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما]
يقول كنت أبكي عليها في حياتها خوفا من فقدها وتغربت عنها فثكلتها وثكلتني قبل الموت
ولو قتل الهجر المحبين كلهم ... مضى بلد باقٍ أجدت له صرما
يقول لو كان الهجر يقتل كل محب لقتل بلدها واجد بمعنى جدد يعني أن البلد كان يحبها لافتخاره بها ولكن الهجر إنما يقتل بعض المحبين دون بعض
[عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا ... فلما دهتني لم تزدني بها علما]
يقول كنت عالما بالليالي وتفريقها بين الاحبة قبل ان صنعت بنا هذا التفريق فلما دهتني هذه المصيبة لم تزدني بها علما وهذا منقول من قول الطائي، حلمتني وأراني، قبل هذا التحليم كنت حليما،
منافعها ما ضر في نفع غيرها ... تغذى وتروى أن نجوع وأن تظما