للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أراد مثل مولده في الطيب والطهارة والمعنى أنه خرج من بطن أمه طيبا طاهرا ولو ولدت النساء أولادهن كما ولدته أمه لما احتجن إلى من يشارفن في تلك الحال

[لو بان بالكرم الجنين بيانه ... لدرت به ذكر أم أنثى الحامل]

يقول لو بان الجنين بيانه بالكرم أي كما بان كرمه حين كان جنينا لما التبس على الحامل الذكر بالأنثى والمعنى أنه حين كان جنينا كان ظاهر الكرم يعرف أنه مولود كريم فلو بان حال كل جنين بيان كرمه لعرف الذكر من الأنثى والتقدير أذكر أم أنثى فحذف همزة الاستفهام.

[ليزد بنو الحسن الشراف تواضعا ... هيهات تكتم في الظلام مشاعل]

يأمرهم أن يزيدوا تواضعا فإن فضائلهم لا تنكتم بالتواضع وقد ضرب لذلك المثل بكتمان المشاعل في الظلام فإنها لا تخفى ومتى كان الظلام أشد كانت اظهر كذلك متى كان تواضعهم أكثر كانت فضائلهم أكثر.

[ستروا الندى ستر الغراب سفاده ... فبدا وهل يخفى الرباب الهاطل]

يريد أنهم يكتمون معروفهم كما يكتم الغراب سفاده ثم ذلك لا ينكتم كما لا يخفى السحاب الهاطل.

[جفخت وهم لا يجفخون بها بهم ... شيم على الحسب الأعز دلائل]

الجفخ الكبر والفخر يقول جفخت بهم شيم وفخرت وهم لا يفخرون بها ثم ذكر أن شيمهم دلائل حسبهم الظاهر والحسب ما يعد من مآثر الآباء.

[متشابهي ورع النفوس كبيرهم ... وصغيرهم عف الإزار حلال]

يقول كبارهم ورعون يشبه ورع بعضهم ورع الآخرين وشابهم عفيف الازار والحلاحل السيد الذي ويقال عف وعفيف مثل طب وطبيب.

[يا أفخر فإن الناس فيك ثلاثة ... مستعظم أو حاسد أو جاهل]

أراد يا هذا افخر فحذف المنادى كقراءة من قرأ ألا يا اسجدوا على معنى ألا يا هؤلاء اسجدوا ومنه قول ذي الرمة، ألا يا اسلمني يا دار ميَّ على البلا، ولا زال منهلا بجرعائك القطر، يقول الناس فيك ثلاثة أقسام أما متستعظم يستعظمك لما يرى من عظمك أو حاسد يحسد فضلك أو جاهل يجهل قدرك

[ولقد علوت فما تبالي بعد ما ... عرفوا أيحمد أم يذم القائل]

يقول بعد أن ظهر علوك وعرفه الناس لا تبالي يذم الحاسد لأنه لا ينقص محلك ولا بحمد الحامد لأنه لا يزيدك علوا.

[أثنى عليك ولو تشاء لقلت لي ... قصرت بالإمساك عني نمائل]

أي أمساك عن إسكاتي نائل منك عندي بعد ما عرفت تقصيري

لا تجسر الفصحاء تنشد هاهنا ... بيتاً ولكني الهزبرُ الباسلُ

يقول لهيبتك وعلمك بالشعر لا يحسنون إن ينشدون أو لا يجسرون وقول أبي نصر بن نباتة في هذا المعنى أحسن وأجود حيث يقول، ويلمها عند السرادق هيبةً، لو سابقت قصب العظام خصائلي، نفضت عليّ من القبول محبةً، قامت بصبغي في المقام الهائل،

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فهي الشهادة لي بأني فاضلُ

يقول إذا ذمني ناقص كان ذمه دليل فضلي لأن الناقص لا يحب الفاضل لما بينها من التنافر وهذا من قول أبي تمام، وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مولع، وأخذه هو من قول مروان بن أبي حفصة، ما ضرني حسد اللئام ولم يزل، ذو الفضل يحسده ذوو التقصير، وأصل هذا من قول الأول، وقد زادني نحبا لنفسي أنني، بغيض إلى كل أمرء غير طائل، وأني شقيٌّ باللئام ولا ترى، شقيا بهم إلا كريم الشمائل،

من لي بفهم أهيل عصرٍ يدعي ... أن يحسب الهندي فيهم باقلُ

باقل اسم رجل كان يوصف بالعيّ وفيه جرى المثل أعيى من باقل ويقال أنه كان اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فقيل له بكم اشتريت فعيّ عن الجواب بلسانه ففتح يديه وفرق اصابعهما واخرج لسانه يريد أحد عشر درهما فافلت الظبي وقال ابن جنى وباقل هذا لم يؤت من سوء حسابه وإنما أتى من سوء عبارته ولو قال أني فحم الخطباء فيهم باقل أو نحو هذا لكان اسوغ وليس كما قال فإن باقلا كما أتى من البيان أُتي من البنان فإنه لو بنى من سبابته وإبهامه دائرة ومن خنصره عقدة لم يفلت منه الظبي فصحّ قوله في نسبه إلى جهل الحساب ومعنى البيت يقول من يكفل لي بفهم أهل عصر يدعون أن باقلا كان يعلم حساب الهند مع سوء علمه بالحساب يعني أنهم جهالا لا يعرفون الجاهل من العالم ولا الناقص من الفاضل وصغر الأهل تحقيرا لهم وقال يدعى لأن لفظ الأهل واحد والشائع الذائع عن باقل عيه وفهاهته.

<<  <   >  >>