أيملك الملك والأسيافُ ظامئةٌ ... والطير جائعةٌ لحمٌ على وضمِ
الوضم كل شيء يوضع عليه اللحم ويضرب اللحم على الوضم مثلا للضعيف الذي لا امتناع عنده ويقال للمرأة لحم على وضم ومنه قول السنبسي، أحاذر الفقر يوما أن يلم بها، فيهتك الستر عن لحمٍ على وضم، وذلك أن الحيوان فيه نوع امتناع فإذا ذبح ووضع لحمه على الوضم كان عرضةً لكل أحد حتى الطيور والذباب وقوله أيملك الملك استفهامٌ معناه الإنكار يقول لا يملك الملك ضعيفٌ لا يمنع ولا يدفع عن نفسه والإسياف عطاش إلى دمه والطير لم تشبع من لحمه يعنى أنه يقتل ويلقى للطيور ولا يملك
من لو رآني ماءً ماتَ من ظمأٍ ... ولو مثلتُ له في النومِ لم ينمِ
من بدلٌ من قوله لحم على وضم يقول الذي لو كانت ماءً وكان عطشان لم يقدر أن يشرب مني لخوفه حتى يموت عطشا ولو رآني في النوم ماثلا له لهجر النوم خوفا من أن يراني في النوم
ميعاد كل رقيق الشفرتين غداً ... ومن عصى من ملوك العرب والغجمِ
أراد كل سيف رقيق الشفرتين وهو الذي رققت شرفتاه بكثرة الصقل يعني أنه يحاربهم ويقود غليهم الجيش ومن عصى يريد ومن عصاني
فإن أجابوا فما قصدي بها لهمُ ... وإن تولوا فما أرضى لها بهمِ
يقول إن اطاعوني وأجابوا إلى ما أدعوهم إليه فليست بسيوفي ولا اقتلهم بها وإن أدبروا عني فلا اقتصر على مثلهم بل اتعداهم إلى غيرهم قال أيضا في صباه وقد عذله أبو سعيد المخيمري في تركه لقاءَ الملوك
أبا سعيدٍ جنب العتابا ... فربَّ رآءٍ خطأً صوابا
يقول بعد عني عتابك ولا تعاتبني لأنك ترى الخطأ من زيارة الملوك صوابا ويجوز رائي خطأٍ بالإضافة وراء خطأً كما تقول زيد ضاربُ عمروٍ وضاربٌ عمرا إذا كان فيما يستقبل الرؤية ههنا بمعنى الظن والعلم فيجوز أن يتعدّى إلى مفعولين
[فإنهم قد أكثروا الحجابا ... واستوقفوا لردنا البوابا]
يقول الملوك نصبوا الحجاب الذين يحجبون عنهم الناس واستكثروا منهم وسألوا البواب وهو الذي يقف على الباب أن يقف على أبوابهم لصرف الناس عنهم
[وإن حد الصارم القرضابا ... والذابلات السمر والعرابا]
ترفع فيما بيننا الحجابا
القرضاب السيف القاطع والذابلات الرماح اللينة والعراب الخيل العربية يريد أنه يتوصل إلى الملوك بالسلاح والخروج عليهم وقال أيضا في صباه ارتجالاً على لسان رجلٍ سأله ذلك
شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي ... فارقتني وأقامَ بين ضلوعي
يعني شوقي إليك منعني طيب النوم فارقتني أنت وأقام الشوق في قلبي
أوما وجدتم في الصراةِ ملوحةً ... مما أرقرقُ في الفراتِ دموعي
الصراة نهر يتشعب من الفرات فيصير إلى الموصل ثم إلى الشام وكان حبيبه من جانب الصرة يقول أوما وجدتم طعم ملوحة من دموعي في مائكم لبكاءي في الفرات ويقال رقرق الماء والدمع إذا صبه
ما زلتُ أحذر من وداعك جاهداً ... حتى اغتدى أسفي على التوديع
يقول لم أزل أحذر من وداعك خوف الفراق وأنا اشتاق الآن إلى التوديع واتأسف عليه لأني لقيتكعند الوداع فاتمنى ذلك لألقاك قال ابن جنى كنت أكره الوداع فلما تطاول البين أسفت على التوديع لما يصحبه من النظر والشكوى والبث
[رحل العزاء برحلتي فكأنما ... أتبعته الإنفاس للتشييع]
يقول ارتجل الصبر عني بارتحالي عنكم فكان أنفاسي تبعت العزاء مشيعةً له فهي صاعدة متصلة دائمة وقال في صباه أيضا ارتجالا
أي محلٍّ أرتقى ... أي عظيمٍ أتقي
يقول لم يبق له محل ولا درجة في العلو إلا وقد بلغها وأي استفهامٌ معناه الانكار أي وليس يخاف عظيما يتقيه
وكل ما قد خلق الل ... هُ وما لم يخلق
محتقرٌ في همتي ... كشعرةٍ في مفرقي
قوله وما لم يخلق ليس معناه ما لا يجوز أن يكون مخلوقا كذات البارىء عز وجل وصفاته لأنه لو أراد هذا للزمه الكفر بهذا القول وإنما أراد وما لم يخلقه مما سيخلقه وقال أيضا في صباه
[إذا لم تجد ما يبتر الفقر قاعدا ... فقم واطلب الشيء الذي يبتر العمرا]
البتر القطع وما يبتر الفقر هو المال يقول إذا لم تجد غنى يقطع عنك الفقر فقم وأطلب ما يقطع العمر وهو الحرب أي لتصيب مالا أو تقتل فتستغني عن المال