صور بلدة معروفة بالساحل يقول أتهني بولاية صور أم تهنىء صورا بك ثم قال وقل لك صاحبا صور الذي له هذه البلدة وأنت له أي أنت أحد أصحابه يعني ابن رائق وهذا كقول اشجع، إن خراسان وإن أصبحت، ترفع من ذي الهمة الشأنا، لم يحب هرون به جعفرا، لكنه حابا خراسانا، يعني الرشيد حين وليّ جعفر بن يحيى إمارة خراسان يقول تفضل بجعفر على خراسان لا بخراسان على جعفرٍ
[وما صغر الأردن والساحل الذي ... حبيت به إلا إلى جنب قدركا]
يعني أن هذه الولاية إنما تصغر بالأضافة إليك وإلا فالشأن فيها كبير
[تحاسدت البلدان حتى لو أنها ... نفوس لسار الشرق والغرب نحوكا]
مثل هذا كثير في الشعر قال أبو تمام، لو سمعت بلدةٌ لإعظام نعمى، لسعي نحوها المكان الجديب، يصف ديمة وقال البحتري، فلو أن مشتاقاً فوق ما، في وسعه لمشى إليك المنبر، وفي مثل هذا يقول الخوارزمي، تغايرت البلاد على يديه، وزاحمت الجروم به الصدور،
وأصبح مصر لا تكون أميره ... ولو أنه ذو مقلةٍ وفم بكى
ودخل عليه فرأى خلعا بين يديه مطوية وكانت عليه فطواها وتأخر أبو الطيب لعلة عرضت له فقال
أرى حللا مطواة حساناً ... عداني أن أراك بها اعتلالي
إنما قال هذا لأنه رأى الخلع مطوية إلى جانبه ولم يره فيها لأنه كان ذلك اليوم الذي لبس فيه الخلعة عليلا ومعنى أراك بها أراك وهي عليك ومعك كما يقال ركب بسلاحه وخرج بثيابه
[وهبك طويتها وخرجت منها ... أتطوي ما عليك من الجمال]
يعني أنه لا يتجمل بالثياب فإن له جمالا لا ينطوي عنه
[لقد ظلت أواخرها الأعالي ... مع الأولى بجسمك في قتال]
يعني أعالى الثياب وهو ما ظهر منها للأعين تحسد الأقرب إليك وهو ما يباشر جسده فبينهما قتال
[تلاحظك العيون وأنت فيها ... كأن عليك أفئدة الرجال]
قال ابن جنى أي فهم يحبونك كما يحب الإنسان فؤاده وقال ابن فورجة يعني استحسان القلوب لها وتعلقها به وبها من حيث الاستحسان وقال غيرهما أي يديمون النظر إليك فإن العين تبع القلب تنظر إلى حيث يميل إليه القلب فالعيون إنما تنظر إليك لأن القلوب تحبك كما قال ابن جنى أو تستحسن الخلع كما قال ابن فورجة
[متى أحصيت فضلك في كلام ... فقد أحصيت حبات الرمال]
وقال يمدحه وكان سار إلى الساحل ثم عاد إلى طبرية
الحب ما منع الكلام الألسنا ... وألذ شكوى عاشقٍ ما أعلنا
روى الالسنا بفتح السين ويكون ما على هذه الرواية بمعنى الذي يقول غاية الحب ما منع لسان صاحبه من الكلام فلم يقدر على وصف ما في قلبه منه كما قال المجنون ولما شكوت الحب قالت كذبتني، فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا، فما الحب حتى يلصق الجلد بالحشا، وتخرس حتى لا تجيب المناديا، وكما قال قيس بن دريج، وما هو إلا أن أراها فجاءة، فأبهت حتى ما أكاد أجيب، ويجوز أيضا أن يكون ما بمعنى الذي على رواية من روى الالسنا بضم السين والظاهر أن ما نفى لأن المصراع الثاني حث على إعلان العشق وإما يعلن من قدر على الكلام وهو معنى قول أبي نواس، فبح باسم من تهوى ودعني من الكنى، فلا خير في اللذات من دونها ستر، ويقول علي بن الجهم، وقل ما يطيب الهوى، إلا لمنهتك الستر، وقول الموصلي، ظهر الهوى وتهتك أستاره، والحب خير سبيله إظهاره، أعصى العواذل في هواه جهارةً، فألذ عيش المستهام جهاره،
[ليست الحبيب الهاجري هجر الكرى ... من غير جرم واصلي صلة الضنا]
[بنا فلو حليتنا لم تدر ما ... ألواننا مما امتقعن تلونا]
يقول فارقنا احبابنا ولو أردت أن تثبت حليتنا لم تدر الواننا لتغيرها عند الفراقفكنت لاتدري بأي لون تصفنا
[وتوقدت أنفاسنا حتى لقد ... أشفقت تحترق العواذل بيننا]
أي لشدة حرارة الوجد صارت أنفاسنا كالنار المتوقدة حتى خفت على العواذل أن يحترقن فيما بيننا وإنما خاف ذلك لأنه كان ينم على ما في قلوبهم من حرارة الهوى
أفدى المودعة التي أتبعتها ... نظراً فرادى بين زفراتٍ ثنا
أي كلما نظرت إليها واحدة زفرت زفرتين وثناء ممدودة قصره ضرورة
أنكرت طارقة الحوادث مرة ... ثم اعترفت بها فصارت ديدنا