أقمت عندك حبا لك ثم بين سبب الإقامة بالمصراع الثاني وأن ذلك إحسانه إليه كما قال الطائي، وتركي سرعة الصدر اغتباطا، يدل على موافقة الورودِ، وكقوله أيضا، هممي معلقة عليك رقابها، مغلولةٌ إن الوفاء إسارُ،
إذا سأل الإنسان أيامه الغنى ... وكنت على بعد جعلتك موعداً
يقول إذا طلب الإنسان الغنى في دهره وعصره وكنت غائبا عنه فدهره يعده الإعطاء بعد رجوعك وحضورك إلى حضورك إلى مستقر عزك فإنه يغنيه بعد ذلك أي الدهر يحيل عليك من اقترح عليه الغني فيشير عليه باتيانك كما قال أبو تمام، شكوت إلى الزمان نول حالي، فارشدني إلى عبد الحميد، وجرى ذكر ما بين العرب والأكراد من الفضل فقال سيف الدولة ما تقول في هذا وتحكم يا أبا الطيب فقال
[إن كنت عن خير الأنام سائلا ... فخيرهم أكثرهم فضائلا]
تقديره خير الأنام أكثرهم من فضائل من أنت منهم يعني وائلَ
[من أنت منهم يا همام وائلا ... الطاعنين في الوغا أوائلا]
جعل وائل اسما للقبيلة فلم يصرفه كما قال ذو الإصبع، وممن ولدوا عامر ذو الطول وذو العرض، فلم يصرف عامر لأنه ذهب به إلى القبيلة ثم قال ذو فرجع به إلى الحي وقوله أوائل أي أوائل الأعداء ويجوز أن يكون حالا لهم أي أنهم السابقون إلى الطعان ومن روى الأوائل أراد الطاعنين وجوه الأعداء وصدورهم وسادتهم وكبارهم
[والعاذلين في الندى العواذلا ... قد فضلوا بفضلك القبائلا]
أي الذين يعذلون عذالهم على البذل وصاروا أفضل القبائل بفضلك وكونك منهم وقال وقد دخل رسول ملك الروم على سيف الدولة في صفر سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة
[ظلم لذا اليوم وصف قبل رؤيته ... لا يصدق الوصف حتى يصدق النظر]
أي أن وصفته من غير مشاهدةٍ لما جرى فيه كنت قد ظلمته وصدق الوصف موقوف على صدق النظر فإذا لم أكن صادق النظر بالعيان والمشاهدة لم أكن صادق الوصف
تزاحم الجيش حتى لم يجد سبباً ... إلى بساطك لي سمع ولا بصرُ
فكنت أشهد مختصٍّ وأغيبه ... معاينا وعياني كله خبرُ
يقول كنت في هذا اليوم أحضر الناس والمختصين بك لأني كنت شاهدا بشخصي وكنت أغيب المختصين عيانا لأني غبت معاينةً حيث لم أر ما يجري وقوله وعياني كله خبر أي كنت أخبر بما يجري وما كنت أعاين
اليوم يرفع ملك الروم ناظرهُ ... لأن عفوك عنه عنده ظفرُ
ويروي اليوم يرفع ملك الروم ناظره على أن الرفع لليوم وناظره بدل كما تقول ضربت عبد الله رأسه
فإن أجبت بشيء عن رسائلهِ ... فلا يزال على الأملاك يفتخرُ
قد استراحت إلى وقتٍ رقابهمُ ... من السيوف وباقي القوم ينتظرُ
يقول لما هادنتهم استراحت رقابهم عن القطع إلى إنتهاء مدة الصلح وسائر الناس الذين كنت تغزوهم ينتظرون الصلح أيضا ويجوز أن يكون المعنى ينتظرون ورود سيوفك عليهم
وقد تبدلها بالقوم غيرهمُ ... لكي تجم رؤس القوم والقصرُ
أي تعطي سيوفك بدلا بهؤلاء غيرهم وأراد بالقوم الروم وغيرهم بالنصب لأنه المفعول الثاني للتبديل ومن روى غيرهم بالكسر فهو على نعت القوم والمعنى تعطي سيوفك بدلا بقومٍ غير الروم وعلى هذا قوله بالقوم غيرهم في محل المفعول الثاني للتبديل والقوم غير الروم وهذا الكلام مبني على أن بدلته كذا أو بكذا أعطيته بدلا من شيء كان له قبل هذا وليس في اللغة بدلته أعطيته البدل إنما معنى بدلته جعلت شيئا آخر مكانه كقوله تعالى وإذا بدلنا آيةً مكان آيةٍ ويبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وتجم تكثر والقصر جمع قصرة وهي اصل العنق ومعنى البيت أنك قد تحارب غير الروم وتدعهم حتى يكثروا وتغبهم ليتناسلوا ثم تعود إليهم فتهلكهم ويجوز أن يكون تجم بمعنى تستريح من ضربك إياها هذا الذي ذكرنا معنى قول ابن جنى ان الضمير في تبدلها للسيوف وهو غير صحيح في اللغة كما ذكرنا والصحيح في معنى هذا البيت أن الضمير في تبدلها للروم يقول تبدل الروم بقوم غيرهم أي تجعل غيرهم مكانهم في القتل والقتال وعلى هذا فقد صح اللفظ ظهر المعنى ولا يجوز نصب غيرهم
تشبيه جودك بالأمطار غاديةً ... جود لكفك ثانٍ ناله المطرُ
يقول إذا شبهنا جودك بالأمطار التي تأتي بالغدوات وهي اغزرها كان ذلك جودا ثانيا لكفك لأن المطر يسير ويفتخر بأن يشبه به جودك