يعني أنها في مطاردة الفرسان بعضها مطرود وبعضها طارد وفي لعبهم بالرماح تجر الطويلة منها والقصيرة والطولى تأنيث الأطول والقصرى تأنيث الأقصر
[يعجبها قتلها الكماة ولا ... ينظرها الدهر بعد قتلاها]
أخبر عن الخيل وأضاف القتل إليها وهو يريد أصحابها والمعنى يعجب فرسان الخيل قتلهم الكماة ولا يلبثون أن يقتلوا بعدهم لكثرة المغاورة وفشو الحرب وطلب الثار قال ابن فورجة يقول لو كان قتل الأعداء بعده بقاء لكان من النعم المغبوطة لكن الدهر لا ينظر القاتل بعد القتيل وأجاز ابن جنى أن يكون المعنى على الأخبار عن الخيل على معنى يعجب خيلنا قتل الكماة قال والخيل تعرف كثيرا من أغراض صاحبها لأنها مؤدبة معلمة فجاز أن توصف بهذا وقوله ولا ينظرها الدهر بعد قتلاها قال لأنه إذا قتل الفارس عقرت الخيل بعده وهذا ليس بشيء لأنه يريد بقتلاها من قتلته وقتله أصحابها فهو يريد خيل القاتلين لا خيل المقتولين والمعنى أن أصحابها يميتونها بالتعب ويهلكونها بكثرة الركض بعد الذين قتلوهم فلا بقاء لها بعدهم
وقد رأيت الملوك قاطبةً ... وسرت حتى رأيت مولاها
[ومن مناياهم براحته ... يأمرها فيهم وينهاها]
يقول رأيت الملوك كلهم بأجمعهم وسرت في الأرض وسافرت حتى رأيت أعظمهم الذي يحيى من شاء منهم ويميت من شاء ومناياهم بكفه يصرفها فيهم كيف شاء
أبا شجاع بفارسٍ عضد ال ... دولة فناخسرو شهنشاها
أسامياً لم تزده معرفةً ... وإنما لذةً ذكرناها
نصب أساميا بفعل مضمر كأنه قال ذكرت أساميا يعني ما ذكر قبل هذا البيت قال ابن جنى وهذا كلام النحويين في أحد ضربي الوصف تناوله منثورا فنظمه وذلك أنهم يقولون إنما يذكر الوصف للاسم أما للايضاح كي يتميز عن غيره أو للاطناب والثناء كولك زيدٌ الظريف تخصيص له من غيره وتمييز وقولنا بسم الله الرحمن الرحيم ثناء واطناب ولم نذكره للتمييز كذلك قوله أساميا قال إنما ذكرته استلذاذا للثناء عليه لا لأميزه بها عن غيره
[تقود مستحسن الكلام لنا ... كما تقود السحاب عظماها]
يقول هذه الأسامي محمولة على المعاني فهي ترجمتها تقود إذا ذكرت ما وضعت له فيحسن الكلام بها ويجوز أن يريد بقودها مستحسن الكلام أنها سبقت إلى الذكر فهي مقدمة معانٍ أذكرها بعد وأصفه بها كما يقود معظم السحاب الباقي
هو النفيس الذي مواهبهُ ... أنفس أمواله وأسناها
لو فطنت خيله لنائلهِ ... لم يرضها أن تراه يرضاها
لو علمت خيله جوده لم ترض بأن يرضاها الممدوح لأنه إذا رضيها وهبها لزائريه فتفارق مربطه
لا تجد الخمر في مكارمهِ ... إذا انتشى خلةً تلافاها
يقول هو قبل الشرب متكرم بالبذل والعطاء فلا يزيد تكرمه بشرب الخمر وليست في مكارمه خلة تتلافاها الخمر وأول هذا المعنى لعنترة حيث يقول، وإذا صحوت فما أقصر عن ندى، وكما علمت شمائلي وتكرمي، وقريب من هذا قول زهير، أخو ثقةٍ لا تهلك الخمر ماله، ولكنهُ قد يهلك المال نائلهْ، وقول أبي نواس، فتًى لا تلوك الخمر شحمة مالهِ، ولكن أيادٍ عودٌ وبوادي، وقول البحتري، تكرمت من قبل الكؤوس عليهم، فما اسطعن أن يحدثن فيك تكرما، وألم الصابي بقول المتنبي فقال في بعض محاوراته ولقد آتاه الله في اقتبال العمر جوامع الفضل وسوغه في عنفوان الشباب محامد الإستكمال فلا تجد الكهولة خلة تتلافاها بتطاول المدى وثلمةً تسدها بمزايا الحنكة.
[تصاحب الراح أريحيته ... فتسقط الراح دون أدناها]
الأريحية النشاط للكرم والجود يقول إذا اجتمعت الراح مع نشاطه للجود فأدنى أريحيته تجلب من السخاء ما لا تجلبه الراح أراد أن فعل أريحيته فوق فعل الراح فلا تطيق الراح أن تسامي أريحيته فإذا سامتها سقطت دونها
[تسر طرباته كرائنه ... ثم تزيل السرور عقباها]
أي إذا طرب عند الشرب سر طربه جواريه المغنية ثم عاقبة طربه تزيل سرورهن وذلك أنه يهبهن المال ثم لا تزال به أريحية الجود حتى تهب الجواري أيضا ويزول ملكه عنهن وذلك زوال سرورهن والكرينة الجارية المغنية وجمعها الكرائن
[بكل موهوبة مولوية ... قاطعة زيرها ومثناها]
يزيل سرورهن بكل جارية قد وهبها وهي تولول حزنا على فراقه وتقطع أوتار العود غضبا لزوال ملكه عنها