يتعجب من حاله وإن المدام والأغاني لا تطربه ولا تؤثر فيه حتى كأنه صخرة يابسة لا يؤثر فيه السماع والشراب
إذا أردت كميت اللون صافيةً ... وجدتها وحبيب النفس مفقودُ
قال ابن جنى حبيب النفس عنده المجد وإذا تشاغل بشرب الخمر فقد المعالي هذا كلامه وليس كما قال لأنه ليس في لفظ البيت ما ذكر والمتنبي قال وجدتها ولم يقل شربتها والمعنى يقول إذا طلبت الخمر وجدتها وإذا طلبت حبيبي لم أجده يتشوق بهذا إلى أهله وأحبته يعني أن شرب الخمر لا يطيب إلا مع الحبيب وحبيبي بعيد عني فليس يسوغ لي الشرب
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبها ... أنى بما أنا باكٍ منه محسودُ
يشكو ما لقيه من تصاريف الدهر وعجائب الدنيا ثم قال وأعجبها أني محسود بما أشكوه وأبكي منه وهو قصد كافور وخمدته يقول الشعراء يحسدونني عليه وأنا باكٍ منه
أمسيت أروح مثرٍ خازناً ويداً ... أنا الغني وأموالي المواعيدُ
يقول أنا مثرٍ وخازني ويدي في راحةٍ من تعب حفظ المال لأن أموالي مواعيدُ كافور وعدني أن يعطيني وهذا مال لا أحتاج إلى حفظه بيدي ولا بخازني
ني نزلت بكذابين ضيفهم ... عن القرى وعن الترحال محدودُ
المحدود الممنوع يريد أنهم لا يقرونه ولا يدعونه يرحل عنهم
جود الرجال من الأيدي وجودهم ... من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ
يقولا هؤلاء يجودون بالمواعيد ولا يجودون بالمال ثم دعا عليهم فقال لا كانوا ولا كان جودهم وهذا من قول الطائي، ملقى الرجاء وملقى الرحل في نفر، الجود عندهم قول بلا عمل، وقوله أيضا، واقل الأشياء محصول نفعٍ، صحة القول والفعال مريضُ، وكرره أبو الطيب فقال، أوجز الأمير الذي نعماه فاجئة، بغير قولٍ ونعمى الناس أقوالُ،
ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم ... إلا وفي يده من نتنها عودُ
يقول لا يباشر الموت بيده قبض روحهم تقززا واستقذارا لهم وهذا مثل ضربه
من كل رخو وكاء البطن منفتقٍ ... لا في الرجال ولا النسوان معدودُ
يريد الخصيان الذين كانوا مع الأسود ويريد برخو وكاء البطن أنه ضراط فساء لا يوكي على ما في بطنه من الريح والمنفتق المتوسع جلده لكثرة لحمه كأنه انفتق وانشق وهو غير معدود في الرجال ولا في النساء
أكلما اغتال بعد السوء سيدهُ ... أو خانه فله في مصر تمهيدُ
يقول أكلما أهلك بعد سوء سيده مهد امره في مصر وملك على الناس يعني أن الأسود قتل سيده ثم تملك على أهل مصر فقبلوه وانقاردوا له وهذا استفهام إنكار أي لا يجب أن يكون الأمر على هذا
صار الخصيُّ إمام الآبقين بها ... فالحر مستبعدٌ والعبد معبودُ
يريد أن كل عبد آبق إليه أمسكه عنده وأحسن إليه فهو أمام الآبقين
نامت نواطير مصر عن ثعالبها ... فقد بشمن وما تفنى العناقيدُ
يريد بالنواطير الكبار والسادة وبالثعالب العبيد والاراذل يقول السادة غفلوا عن الأراذل وقد أكلوا فوق الشبق وعاثوا في أموال الناس وجعل العناقيد مثلا للاموال
العبد ليس لحر صالح بأخٍ ... لو أنه في ثياب الحر مولودُ
يقول العبد لا يواخي الحر لما بينهما من التباعد في الأخلاق وإن ولد العبد في ملك الحر وهذا إغراء لأبن سيده يعني أن الأسود وإن أظهر له الود فليس له بمصافٍ مخلص
لا تشتر العبد إلا والعصا معهُ ... إن العبيد لأنجاس مناكيدُ
يريد سوء أخلاق العبد وأنه لا يصلح إلا على الضرب والهوان كما قال بشار، الحر يلحى والعصا للعبد، وكما قال الحكم بن عبدل، والعبدُ لا يطلب العلاء ولا، يرضيك شيئا إلا إذا رهبا، مثل الحمارِ الموقع السوء لا، يحسن مشياً إلا إذا ضربا، والمناكيد جمع المنكود وهو الذي فيه نكدٌ وقلة خير
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمنٍ ... يسيء بي فهو كلبُ وهو محمودُ
يقال أساء به وأساء إليه قال كثير، أسيئي بنا أو أحسنى لا ملومةً، يقول ما كنت أظنني يؤخرني الأجل إلى زمانٍ يسيء إليّ فيه شر الخليقة وأنا أحتاج إلى أن أمدحه وأحمده لا يمكنني أن أظهر الشكوى
ولا توهمت أن الناس قد فقدوا ... وأن مثل أبي البيضاء موجودُ
يقول لم أتوهم إن الكرام فقدوا حتى لايوجد منهم أحد وإن مثل هذا موجود بعد فقدهم وتكنيته بأبي البيضاء سخرية منه