يقول لو كانت الدنيا جواداً لأبقتك وفدتك بمن فيها أو كانت غازيةً مجاهدة لكتبت وقفا محبوسا عليك فكانت لا تغزو إلا لك وعنك وبأمرك وإنما قال هذا لأنه كان مجاهدا صاحب ثغور الروم وقال أيضا فيه
محمد بن زريق ما نرى أحداً ... إذا فقدناك يعطي قبل أن يعدا
[فقد قصدتك والترحال مقترب ... والدار شاسعة والزاد قد نفدا]
[فخل كفك تهمي واثن وابلها ... إذا اكتفيت وإلا أغرق البلدا]
يقال همي الماء إذا سال وتهمي ها هنا معناه هاميةً يقول اطلق يديك سائلة بالعطاء واصرف عني معظم مطرها إذا اكتفيت يعني أن في قليل عطائها كفايةً ولا حاجة إلى كثيرها الذي هو كالوابل المغرق البلد وقال يمدح عبيد الله بن يحيى البحتري
[بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا ... وجدت بي وبدمعي في مغانيكا]
يقول بكيت في مغانيك وكثر بكاءي حتى لو كنت ممن يعقل لساعدتني على البكاء حتى هلكت وفني دمعي أسفا عليك وتذكرا لأهلك
فعم صباحاً لقد هيجت في شجنا ... وأردد تحيتناإنا محيوكا
يقال عم صباحا بمعنى أنعم يقال وعم يعم بمعنى نعم ينعم ومنه قول عنترة، وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي، يخاطب الربع على عادة العرب في مخاطبة الربوع والاطلال بعد ارتحال الأحبة يتسلون بذلك يقول للربع أنعم صباحا على سبيل الدعاء لقد حركت لي وجدا حين نظرت إليك فأجب لي سلامنا أنا مسلمون عليك وهذا مما يدل علي وله العاشق لفقد الأحبة
بأي حكم زمانٍ صرت متخذاً ... رئم الفلا بدلا من رئم أهليكا
يقول أي حكم من أحكام الزمان جرى عليك فاوجب لك اتخاذ ظباء الفلاة بدلا من ظباء الأنس والرئم الظبي الخالص البياض
أيام فيك شموس ما انبعثن لنا ... إلا ابتعثن دماً باللحظ مسفوكا
يريد بالشموس الجواري وانبعثن ذهبن وجئن وتحركن وابتعثن بعثن أي ارسلن يقال بعثته وابتعثته فانبعث أي لم يظهرن لنا إلا أبكيننا دما مصبوبا بنظرنا إليهن
[والعيش أخضر والأطلال مشرقة ... كأن نور عبيد الله يعلوكا]
يعني قبل تفرق الأحبة وارتحالهم من الربع
نجا امرء يا ابن يحيى كنت بغيته ... وخاب ركب ركابٍ لم يؤموكا
أي تخلص من مكاره الزمان من كنت حاجته أي من قصدك بسفره وخاب من لم يقصدك كما قال، ولكل ركبٍ عيسهم والفدفد، والركب جمع راكب والركاب الإبل ويروى ركب رجاء أي قوم ركبوا والرجاء في قلوبهم ثم لم يقصدوك
[أحييت للشعراء الشعر فامتدحوا ... جميع من مدحوه بالذي فيكا]
يقول أحييت لهم الشعر بما أريتهم من دقائق اللوم وحلمتم من غوامض المعاني حتى استغنوا عن استخراجها بالفكر فسهل عليهم الشعر حتى كأنه صار حيا بعد أن كان ميتا ثم امتدحوا ممدوحيهم بما فيك من خصال المجد ومعاني الشرف وهي لك غير انهم ينحلونها ممدوحيهم
[وعلموا الناس منك المجد واقتدروا ... على دقيق المعاني من معانيكا]
هذا من قول أبي العتاهية، شيمٌ فتحت من المدح ما قد، كان مستغلقاً على المداح، ومن قول ابن ابي فننٍ، يعلمنا الفتح المديح بجوده، ويحسن حتى يحسن القول قائله، وقال قال أبو تمام، ولولا خلال سنها الشعر ما دري، بناة العلي من أين تؤتى المكارم، وقال أيضا، تغرى العيون به ويغلق شاعر، في وصفه عفواً وليس بمغلق،
[فكن كما شئت يا من لا شبيه له ... أوكيف شئت فما خلق يدانيكا]
أي كن على الحالة التي علينا أنت أو كما شئت فليس أحد يقاربك في اوصافك واخلاقك وإنما قال كما شئت لأنه لا يكون إلا على طريقةٍ من الكرم والمجد بديعة في جميع احواله
[شكر العفة لما أوليت أوجدني ... إلى يديك طريق العرف مسلوكا]
يقول شكر السائلين لعطائك دلني عليك فوجدت طريق العرف مسلوكا إليك فسلكته إلى جودك ويروى إلى نداك
[وعظم قدرك في الآفاق أوهمني ... أني بقلة ما أثنيت أهجوكا]
يقول قل ثناءي وحقر في جنب قدرك فحسبت الثناء هجاء حيث لم يكن على قدر استحقاقك
كفى بأنك من قحطان في شرفٍ ... وإن فخرت فكل من مواليك
يقول كفاك أنك من هذه القبيلة في شرف أي في موضع شريف أو نسب شريف فإن فخرت بهذا الشرف فكل بي قحطان من مواليك
ولو نقصت كما قد زدت من كرمٍ ... على الورى لرأوني مثل شانيكا