[ينشد من ذا الخشف ما لم يفقد ... فثار من أخضر ممطور ندى]
كأنه بدؤ عذار الأمردِ
قال ابن جنى يطلب من هذه الخشف ما لم يفقده فوضع الخشف مكان الخشفين وهذا باطل ومن لبيان الموصول وانبعث الخشف من مكان اخضر وشبهه في خضرته بشعر أول ما بدأ في خد امرد
فلم يكد إلا لحتفٍ يهتدي ... ولم يقع إلا على بطن يدِ
أي كأنه محير لا يهتدي إلا لحتفه وكأنه يطلب حتفه لسرعته إليه ولم يقع إلا على بطن يد الكلب فحصل فيه ويجوز أن يكون المعنى أنه لما يئس من الفوت مد يديه لاطئا بالأرض
ولم يدع للشاعر المجودِ ... وصفاً له عند الأمير الأمجدِ
أي لم يدع الكلب وصفا له يصفه به الشاعر لأنه لو اجتهد في وصفه لم يمكنه أن يأتي بشيء أكثر مما فعله الكلب من سرعة العدو والتفافه الصيد والضمير في له للشاعر وابن جنى يحمل هذا على الخشف ولا معنى لذلك.
الملك القرم أبي محمدِ ... القانص الأبطال بالمهندِ
ذي النعم الغر البوادي العودِ ... إذا أردت عدها لم أعدد
أي النعم التي تظهر فتبدوا ثم تعود ولا تكون مرة واحدة
وإن ذكرت فضله لم ينفد
واستحسن عين بازٍ في مجلسه فقال
أيا ما أحيسنها مقلةً ... ولولا الملاحة لم أعجبِ
صغر فعل التعجب لإلحاقه بالأسماء إذ عدم تصرفه ومعنى التحقير ههنا المبالغة في استحسانها
خلوقية في خلوقيها ... سويداء من عنب الثعلبِ
يجوز الرفع في خلوقية على تقدير هذه المقلة خلوقية في لونها الخلوقي حبة سوداء من عنب الثعلب يريد لون مقلتها وما فيها من السواد
[إذا نظر الباز في عطفه ... كسته شعاعا على المنكب]
أي لبريق عينه إذا نظر إلى جانبه كسته حدقته شعاعا على منكبه.
وعاتبه على تركه مدحه فقال
ترك مديحك كالهجاء لنفسي ... وقليل لكل المديح الكثيرُ
غير أني تركت مقتضب الشع ... رِ لأمرٍ مثلي به معذور
المقتضب ههنا مصدر بمعنى الاقتضاب وهو الاقتطاع ويستعمل ذلك فيما يقال بديها يقال اقتضب كلاما وشعرا إذا أتى به على البديهة كانه اقتطع غصنا من أغصان الشجر ولم يبين ذلك العذر الذي اعتذر به في ترك الشعر كأنه كان عذرا واضحا قد عرفه الممدوح فأهمل ذكره
وسجاياك مادحاتك لا لف ... ظي وجودٌ على كلامي يغير
يقول إنما يمدحك ما فيك من الأخلاق الحميدة وجود أكثر من شعري فهو لا يترك لي قولا إلا استغرقه
[فسقى الله من أحب بكفي ... ك وأسقاك أيهذا الأمير]
يقول سقى الله احبابي بكفيك فإنها سقيا نافعة كثيرة وتولى الله سقيك وجعل سقى وأسقى بمعنى واحد وقال يودعه
[ماذا الوداع وداع المواق الكمد ... هذا الوداع وداع الروح للجسد]
إذا السحاب زفته الريح مرتفعا ... فلا عدا الرملة البيضاء من بلدِ
زفته حركته وساقته يقال زفاه يزفيه زفيا ولا عدا لا تجاوز والرملة اسم بلد الممدوح
ويا فراق الأمير الرحب منزله ... إن أنت فارقتنا يوما فلا تعدِ
وقال يمدح أنا القاسم طاهر ابن الحسين بن طاهر العلوي
[أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب ... وردوا رقادي فهو لحظ الحبائب]
قال ابن جنى معناه ردوا الكواعب والحبائب ليرجع صباحي فأبصر أمري ويرجع نومي إذا نظرت اليهن وقال ابن فورجة أي دهري ليلٌ كله ولا صباح لي إلا وجوههن وليلى سهر كله ولا رقاد لي حتى أراهن
فإن نهاري ليلةٌ مدلهمةٌ ... على مقلةٍ من فقدكم في غياهب
مدلهمة شديدة السواد والغياهب جمع غيهب وهو شدة الظلمة وإنما جعل النهار ليلا اشارةً إلى أنه لا يهتدي إلى شيء من مصالحه وقد عمى لحيرته أو إلى أن جفونا فتحت على وجوههن محتومة لا تفتح على غيرها وإذا انطبقت الجفون فالنهار ليل كقوله، فلو أني استطعت ختمت طرفي، فلم أبصر به حتى أراكا، قال ابن جنى أي لما غبتم لم أبصر بعدكم شيئا أي بكيت حتى عميت
بعيدة ما بين الجفون كأنما ... عقدتم أعالي كل هدبٍ بحاجبِ