[تعوم عوم القذاة في زبد ... من جود كف الأمير يغشاها]
هذه الموهوبة في جملة ما يهب كالقذاة في بحر مزبد يعلوها ويغلبها سائر ما وهب كما يعلو القذاة الزبد وتعوم فيه وروى ابن جنى زبد وهو الكثير الزبد لكثرة مائه جعل هذه الجارية في جملة ما يهب كالقذاة في بحر مزبد
[دان له شرقها ومعربها ... ونفسه تستقل دنياها]
يعني شرق الدنيا ومغربها يقول إطاعة أهل الشرق والغرب ونفسه تستقل جميع الدنيا وكذا كان يقول عضد الدولة سيفان في غمد محال يعني أن الدنيا يكفي فيها ملك واحد وكان يقصد أن يستولي على جميع الأرض
[تشرق تيجانه بغرته ... إشراق ألفاظه بمعناها]
يقول إذا وضع التاج على رأسه أشرق تاجه بإشراق وجهه كما تشرق ألفاظه بمعانيها
[تجمعت في فؤاده همم ... ملء فؤاد الزمان إحداها]
استعار للزمان فؤادا لما ذكر فؤاد الممدوح والزمان أوسع شيء يقول إحدى هممه تملأ الزمان فإذا امتلأ الزمان بإحداها لم يظهر باقي هممه إلا أن يقع اتفاق كما ذكر في قوله
[فإن أتى حظها بأزمنة ... أوسع من ذا الزمان أبداها]
يوق إن أتى بخت هممه بزمان أوسع مما ترى أبدى تلك الهمم وهذا كقوله، ضاق الزمان ووجه الأرض عن ملك،
[وصارت الفيلقان واحدة ... تعثر أحياؤها بموتاها]
قال أبو الفتح أي شن الغارة في جميع الأرض فخلط الجيش بالجيش حتى تصير لاختلاطهما كالجيش الواحد قال أبو علي ليس أبو الطيب في ذكر الغارة وشنها وإنما يقول قبله بيتين في قلبه همم إحداها أعظم من فؤاد الزمان فهو لا يبديها لأنه لا يجد زمانا يسعها فإن قضى لها وجاء حظها وبختها بأزمنة أوسع من هذا الزمان حينئذ أظهر تلك الهمم واجتمع أهل هذا الزمان وأهل تلك الأزمنة فصارا شيئا واحدا وضاقت الأرض بهم حتى عثر حيها بميتها للزحمة وكثرة الناس ومثل هذا في ذكر الزحمة قوله أيضا، سبقنا إلى الدنيا البيت وأنث الفيلق على إرادة الكتيبة والجماعة
[ودارت النيرات في فلك ... تسجد أقماره لأبهاها]
لم يأت ابن جنى ولا ابن فورجة في هذا البيت بشيء يفهم أو يتحصل والمعنى أنه يريد بالنيرات والأقمار ملوك الدنيا إذا عادوا واجتمعوا في زمان واحد كما ذكر فيما قبل وأراد بأبهاها عضد الدولة ومعنى سجود الأقمار خضوع الملوك له فحينئذ يبدي هممه
[الفارس المتقي السلاح به ال ... مثني عليه الوغا وخيلاها]
يقول هو الفارس الذي يتقي جيشه به سلاح الأعداء أي يقدمونه إليهم كما يروى في الحديث عن علي بن أبي طالب رضه قال كنا إذا احمر الباس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أقربنا إلى العدو
[لو أنكرت من حيائها يده ... في الحرب آثارها عرفناها]
يقول لو أن يده أنكرت جراحاتها لعرفنا إنها من آثار يده لأن غيره لا يقدر على مثلها وهذا إخبار عن اليد والمراد به صاحب اليد لا توصف بالإنكار ولا الحياء
[وكيف تخفى التي زيادتها ... وناقع الموت بعض سيماها]
المراد بالزيادة هاهنا السوط وهو مأخوذ من قول المرار، ولم يلقوا وسائد غير أيدٍ، زيادتهن سوط أو جديل، يقول كيف تخفى اليد التي سوطها يقتل به فكيف سيفها والناقع الثابت ويقال سم ناقع إذا كان ثابتا في نفس شاربه حتى يقتله والمعنى كيف تخفي آثار يدٍ سوطها والموت به من علاماتها يعني أنه من ضربه بسوطه قتله
[الواسع العذر أن يتيه على ال ... دنيا وأبنائها وماتاها]
يقول لو تاه على الدنيا وتكبر على أهلها لكان له العذر لبيان مزيته عليه ولكنه لم يفعل ذلك كما قال الآخر، وما تزدهينا الكبرياء عليهم، إذا كلمونا أن نكلمهم نزرا،
[لو كفر العاملون نعمته ... لما عدت نفسه سجاياها]
يقول لو لمتشكر نعمته وقوبل إنعامه بالكفران لم يدع الجود ولا تركت نفسه سجيته لأنه مطبوع عليها وليس يعطي للشكر حتى إذا لم يشكر قطع العطاء كما قال بشار، ليس يعطيك للرجاء ولا الخوف، ولكن يلذ طعم العطاء،
كالشمس لا تبتغي بما صنعت ... منعفةً عندهم ولا جاها
ضرب له المثل بالشمس فإن أكثر منافع الدنيا منها تحصل ثم هي لا تبتغي بصنعها منفعة عند الناس ولا جاها وذلك أنها مسخرة لتلك المنافع كذلك هو مطبوع على الجود والكرم
ولِّ السلاطين من تولاها ... والجأ إليه تكن حدياها