يقول الأعداء إذا أرادوا كعانك رأوا طعانك ورأوا اذرع قناك لطولها وسرعة وصولها إليهم أميلا يني أن رماحك تطول فتصل إليهم سريعةً وهذا ضد قوله، طوال قنا تطاعنها قصارُ، وقال ابن جنى أي لشدة الرعب رأوا ذلك كذلك وهذا كقوله تعالى يرونهم مثليهم رأى العين هذا كلامه أما شدة الرعب فله وجهُ واحتجاجه بالآية خطأ ويجوز أن يريد بالقنا قنا الأعداء الذين يحاولون الطعان والمعنى أنهم كلما تعاطوا رماحهم لطعانك استطالوها فرأوا أذرعها أميلا أي أنها تثقل عليهم جبنا وخوفا منك
بسط الرعب في اليمين يميناً ... فتولوا وفي الشمال شمالا
أي شاع الخوف فيهم شيوعا عاما وكأن الخوف بسط يمينه في ميامن عسكرهم وشماله في مياسرهم حتى انهزموا
ينفض الروع أيدياً ليس تدرى ... أسيوفاً حملن أم أغلالا
يعني أن الخوف عمل فيهم حتى ارتعدت أيديهم وصارت السيوف فيها كالأغلال عليها حين لم تعمل ولم تقدر على الضرب
[ووجوها أخافها منك وجه ... تركت حسنها له والجمالا]
قوله وجوها عطف على الأيدي من حيث اللفظ لا من حيث المعنى لأنه ليس يريد ينفض وجوها والمعنى ويغير وجوها أي يغير ألوانها بأن يصغرها فهومن باب، ورأيت زوجك في الوغا، متقلدا سيفاً ورمحا، ومعنى أخافها أخاف أصحابها منك وجه تلك الوجوه اطعته حسنها وجمالها أي الحسن والجمال كان لوجهك لا لوجوههم
والعيان الجليُّ يحدث للظ ... ن زوالا وللمراد انتقالا
كانوا يظنون أنهم يقدرون على قتالك فلما قصدوا محاربتك أنهزموا وعاينوا قصورهم عنك فأزال العيان ما كان الظن يحدث لهم وانتقل ذلك المراد الذي كانوا يريدونه من محاربتك
[وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا]
هذا كما تقول العرب في أمثالها كال مجرٍ في الخلاء يسر والمعنى أن الجبان إذا كان وحده منفردا يحس من نفسه بشجاعة ويظن عنده غناء ويطلب الطعان والمنازلة يريد أنهم شجعاء ما لم يروك
أقسموا لا رأوك إلا بلقبٍ ... طالما غرت العيون الرجالا
قوله إلا بقلب أي إلا والقلب معهم يريد حلفوا ليحضرن عقولهم وليعملن أفكارهم في قتالك ثم قال طالما غرت العيون الرجال أي كذبهم عنك كثيرا ما رأوه بعيونهم مما يوهمهم أنهم يقاومونك ولا تناقض بين قوله غرت العيون الرجال وبين قوله والعيان الجليّ لأن ذلك بعد التجربة وقوله غرت العيون يعني قبل التجربة
أي عينٍ تأملتك فلاقت ... ك وطرفٍ رنا إليك فآلا
هذا متناقض الظاهر لأنه ينكر أن تمسكه عين بان تديم النظر إلهي في المصراع الأول وفي الثاني ينكر أن يعود طرف رنا إليه ولم يشخص ويحمل المعنى على عيون الأعداء والأولياء فعين العدو لا تلحيه لأنه لا تديم النظر إليه هيبةً له وعي الوليّ تتحير فيه فتبقى شاخصةً فلا تؤول إلى صاحبها وهذا مما لم يتكلم فيه أحد ويقال لاق الشيء وألاقه أي أمسكه
[ما يشك اللعين في أخذك الجي ... ش فهل يبعث الجيوش نوالا]
هذا استفهام تجاهلٍ لأنه علم أنه لا يبعث الجيش للنوال ولكن لما كانت الحالة توجب هذه الشبهة قال ذلك والمعنى أن كل جيش بعثهم إليك غنمتهم فهل يبعثهم لتأخذهم وليكونوا نوالا لك
[ما لمن ينصب الحبائل في الأر ... ض ومرجاه أن يصيد الهلالا]
المرجاة مصدر كالرجاء مثل المسعاة والمعلاة والمغزاة فإذا قلت ومرجاه فهو مفعل من الرجاء بمعنى المصدر يقول ما لهذا الذي ينصب في الأرض حبالةً ورجاؤه أن يصيد الهلال وهذا استفهام تعجب يتعجب من جهل من يعمل هذا وهذا مثل يريد امتناع سيف الدولة عليه وبعده من أن تناله يد وبعثه إليه الجيش طمعا في أخذه والظفر به فهو في ذلك كمن يروم صيد الهلال بحبالة ينصبها في الأرض ومن روى ومرجاة جعلها مفعولا معها كقولك ما لزيد وعمروا ولو جرها عطفا على من كان اظهر كما تقول ما لزيد وعمرو ليس من مضمرا يقبح عطف الظاهر عليه من غير حرف جرٍ كقولك ما لك وزيدا ولا يجوز وزيدٍ لأن الكاف مضمر لا يعطف عليه بالخفض
[إن دون التي على الدرب والأح ... دب والنهر مخلطا مزيالا]
يعني قلعة الحدث يقول دون الوصول إليها رجل مزيال وهو الكثير الخلاط للأمور والزيال لها يخالطها ثم يزايلها يعني سيف الدولة وأراد بالأحدب جبلا هناك