للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيض فهو كالدم الجاري*، وأقل الطهر خمسة عشر يومًا ولا غاية لأكثره.

ودم الاستحاضة وهو ما تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة أيام، وحكمه

الجاري)، قال في "الهداية" (١): "هذا إحدى الروايات عن أبي حنيفة .. وروى أبو يوسف عنه - وقيل هو آخر أقواله -: أن الطهر إذا كان أقل من خمسة عشر يومًا لا يفصل، وهو كالدم الجاري لأنَّه طهر فاسد فيكون بمنزلة الدم فالأخذ بهذا القول أيسر". وقال الإسبيجابي (٢): "وهو اختيار أستاذنا للفتوى. قلت: ومقتضاه جواز افتتاح الحيض واختتامه بالطهر بشرط (٣) احتواش الدم بالطرفين. فلو رأت المبتدأة يومًا دمًا وأربعة عشر طهرًا ويومًا دمًا كانت العشرة الأولى حيضًا يحكم ببلوغها به. ولو رأت المعتادة قبل عادتها يومًا دمًا وعشرة طهرًا ويومًا دمًا، فالعشرة التي لم تر فيها الدم حيض إن كانت العشرة عادتها".

قلت: هذا صحيح في نفسه إلا أن عبارة المصنف تأباه؛ لأنَّه قال (في مدة الحيض) فلا يصح إلَّا أن يكون احترازًا عن رواية محمد أن الثلاثة الفاضلة فاصلة (٤).


(١) ١/ ٤٠.
(٢) هو محمد بن أحمد بن يوسف أبو المعالي، بهاء الدين المرغيناني الإسْبيجابي، شيخ الإسلام. شرح القدوري شرحًا نافعًا وسماه: "زاد الفقهاء" وهو من أهم مصادر المؤلف في هذا الكتاب، وله الحاوي في مختصر الطحاوي ونصاب الفقهاء، قال في هدية العارفين: "لعله توفي أواخر القرن السادس، عليه رحمة الله تعالى". (الجواهر المضية ٣/ ٧٤، رقم ١٢١٤، تاج التراجم ص ٢٥٦، ٢٥٧، رقم ٢٢٨، الفوائد البهية ص ٢٦٠، رقم ٣٢٦، "كشف الظنون" ٢/ ١٦٣٢، هدية العارفين ٢/ ١٠٥).
(٣) في (جـ): "شرط".
(٤) يسمى الطهر المتخلل بين الحيضتين الذي أقله خمسة عثر يومًا بالطهر الصحيح أو التام. أما إذا نقصت مدة الطهر عن أقلها، ففيه خلاف: هل يكون فاصلًا بين الدمين في حيضتين، أم هو طهر فاسد لا يفصل ويكون له حكم الدم المتوالي؟
ذكر المحقق ابن الهمام في المسألة ستة أقوال، كلها رويت عن الإمام، وأشهرها ثلاثة، والمفتى به منها رواية أبي يوسف المذكورة. إلا أن عبارة القدوري في المختصر تتعلق بالطهر المتخلل بين الدمين في الحيضة الواحدة، لا الطهر الفاسد أو الذي يكون بين الحيضتين. وعليه، فالمسألة المذكورة في الشرح هي احتراز عن رواية محمد: أن الطهر في مدة الحيض إذا كان ثلاثة أيام أو أكثر، وكان زائدًا على الدمين فإنه يكون فاصلًا. والله تعالى أعلم. انظر: (المبسوط للسرخسي ٣/ ١٥٤ - ١٥٩، وفتح القدير لابن الهمام ١/ ١٥٣ - ١٥٥، والكفاية ١/ ١٥٢ - ١٥٥، وفتح باب العناية

<<  <   >  >>