للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قدر على القيام ولم يقدر على الركوع والسجود لم يلزمه القيام وجاز أن يصلي قاعدًا* يومئ إيماء، فإن صلى الصحيح بعض صلاته قائمًا ثم حدث به مرض تمّمها

تسقط الصلاة عنه؟ اختلف المشايخ فيه، والمختار ما ذكره الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي أنه تسقط" (١).

قوله: (جاز أن يصلي قاعدًا)، قال في "البدائع" (٢): "ثم إذا صلى المريض قاعدًا بركوع وسجود أو بإيماء (٣) كيف يقعد؟ أما في حال التشهد فإنه يجلس كما يجلس للتشهد بالإجماع، وأما في حال القراءة وفي حال الركوع، روي عن أبي حنيفة أنه يقعد كيف شاء من غير كراهة، إن شاء محتبيًا، وإن شاء متربّعًا، وإن شاء على ركبتيه كما في التشهد، وروي عن أبي يوسف أنه إذا افتتح تربع وإذا أراد أن يركع فرش رجله اليسرى وجلس عليها، وروي عنه أنه يتربع على حاله وإنما ينقض ذلك إذا أراد السجود، وقال زفر: يفرش رجله اليسرى في جميع صلاته، والصحيح ما روي عن أبي حنيفة؛ لأن عذرًا أسقط عنه الركن فلأن يسقط عنه سنة أولى" (٤).

وقال صاحب الهداية في "مختارات النوازل": "إن الفتوى على قول زفر"، قلت (٥): هو تبعٌ لأبي الليث، فقد قال في "الذخيرة": "قال الفقيه أبو الليث: الفتوى على قول زفر".

قلت: وليس هو قول زفر وحده، بل أشار إليه أبو حنيفة ومحمد على ما


(١) وخلاصة القول، أن هذه من المسائل التي رجح فيها المصنف خلاف ما في ظاهر المتون، وإن لم يصرح بذلك - كعادته في الترجيح -، فقد أكثر من النقول في تصحيح القول بأن المريض إذا عجز عن الإيماء بالرأس تسقط الصلاة عنه إن دام ذلك أكثر من يوم وليلة، وذلك بعد أن ذكر القول المقابل والمصحَّح أيضًا مرة واحدة في بداية المسألة. وقلتُ (خلاف ظاهر المتون)؛ لأن فيها ما يدل على أن الصلاة تؤخر فتقضى لا أنها تسقط عنه، ففي مختصر القدوري: "فإن لم يستطع الإيماء برأسه أخّر الصلاة"، وقال صاحب النُّقاية ١/ ٣٨٦: "والإيماء بالرأس فإن تعذر أخر"، وقال النسفي في الكنز (١/ ٢٠١ مع تبيين الحقائق): "وإن تعذر القعود أومأ مستلقيًا أو على جنبه وإلا أُخرت"، وفي المختار ١/ ٧٧: "فإن عجز عن الإيماء برأسه أخر الصلاة. . ".
(٢) ١/ ١٠٦.
(٣) في نسخة (د): "بركوع وسجود أو نائمًا" تصحيف.
(٤) انتهى كلام الكاساني، ولفظ البدائع في الجملة الأخيرة "لأن عذر المرض أسقط عنه الأركان فلأن يسقط عنه الهيآت أولى".
(٥) في (جـ): "قوله".

<<  <   >  >>