للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطبقات ولا في توزيع الفقهاء عليها، وإن لقي استحسانًا من المقلِّدة بعده، وقد تعقبه الناقد العصامي الشهاب المَرْجاني (١) في كتابه: "ناظورة الحق"، بهدم الأمرين - الترتيب والتوزيع معًا - فعاد الأمر إلى نصابه بتحقيقه، فجزاه الله عن العلم خيرًا".

ومما قاله الشيخ شهاب الدين المرجاني في رده - رحمه الله -: ". . ومهما تسامحنا معهم - ابن كمال ومن تبعه - في عدّ الفقهاء والمتفقهة على هذه المراتب السبع - وهو غير مسلم لهم - فلا يتخلصون من فحش الغلط والوقوع في الخطأ المفرط في تعيين رجال الطبقات وترتيبهم على هذه الدرجات" (٢). ثم أخذ يبيّن درجة العلماء الثلاثة أبي يوسف ومحمد وزفر في الاجتهاد وأنهم قد يخالفون أبا حنيفة في قواعد الأصول، وأن حالهم في الفقه إن لم يكن أرفع من مالك والشافعي وأمثالهما فليسوا بدونهما، وقال: غير أنهم لحسن تعظيمهم للأستاذ وفرط إجلالهم لمحله ورعايتهم لحقه، تشمروا على تنويه شأنه، وتوغلوا في انتصاره والاحتجاج لأقواله وروايتها للناس. . لاعتقادهم أنه أعلم وأورع وأحق للاقتداء به والأخذ بقوله، وأوثق للمفتي وأرفق للمستفتي. . ومن ذلك الوجه امتازوا عن المخالفين كالأئمة الثلاثة والأوزاعي وسفيان وأمثالهم، لا لأنهم لم يبلغوا رتبة الاجتهاد المطلق في الشرع، ولو أنهم أولعوا بنشر آرائهم بين الخلق وبثها في الناس والاحتجاج لها بالنص والقياس لكان كل ذلك مذهبا منفردا عن مذهب الإمام أبي حنيفة، مخالفًا له" (٣).

ثم انتقل المرجاني لمناقشة ابن كمال في تعيين رجال الطبقات على هذه الدرجات فقال: ثم إن قوله في الخصاف والطحاوي والكرخي إنهم لا يقدرون على مخالفة أبي حنيفة لا في الأصول ولا في الفروع ليس بشيء، فإن ما خالفوه فيه من المسائل لا يعد ولا يحصى، ولهم اختيارات في الأصول والفروع، وأقوال مستنبطة بالقياس والمسموع، واحتجاجات بالمنقول والمعقول، على ما لا يخفى على من تتبّع كتب الفقه والخلافيات والأصول. .

ثم إنه عدّ أبا بكر الرازي الجصّاص من المقلدين الذين لا يقدرون على


(١) هو شهاب الدين بن بهاء الدين المَرْجاني القرْاني، دراسته في بخارى وسمرقند، وتخرج على يديه كثير من العلماء، توفي سنة ١٣٠٦ هـ رحمه الله تعالى، (الأعلام ٣/ ١٧٨).
(٢) "حسن التقاضي"، ص ٨٥.
(٣) "حسن التقاضي" ص ٨٨.

<<  <   >  >>