للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتهاد أصلًا، وهو ظلم عظيم في حقه وتنزيل له عن رفيع محله وغض منه وجهل بيّن بجلالة شأنه في العلم. . ومن تتبع تصانيفه والأقوال المنقولة عنه عَلِم أن الذين عدهم من المجتهدين من شمس الأئمة ومن بعده كلهم عيال لأبي بكر الرازي. .

ثم إنه جعل القُدُوري وصاحب الهداية من أصحاب الترجيح، وقاضي خان من المجتهدين، مع تقدم القدوري على شمس الأئمة زمانًا وكونه أعلى منه كعبًا وأطول باعا. . وأما صاحب الهداية فكيف ينزل شأنه عن قاضي خان بمراتب؟ بل هو أحق منه بالاجتهاد وأثبت في أسبابه وألزم لأبوابه.

هذا ولم يحصل من بيانه فرق بين أهل الطبقة الخامسة والسادسة، وليت شعري بأي قياس قاسهم ووجد هذا التفاوت بينهم؟.

والحال أن العلم بهذه الكلية كالمتعذر بالنسبة إلى أجلّة الفقهاء وأئمة العلماء، فإنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها" (١).

ونقل الإمام اللكنوي في مقدمة شرحه على الجامع الصغير تقسيم ابن كمال باشا وأعقبه بقوله: "وكذا ذكره ابن عمر الأزهري المصري المتوفى سنة تسع وسبعين وألف، في آخر كتابه: "الجواهر النفيسة شرح الدرة المنيفة في مذهب أبي حنيفة"، وكذا ذكره من جاء بعده مقلدًا له، إلا أن فيه أنظارًا شتّى من جهة إدخال من في الطبقة الأعلى والأدنى"، ثم نقل بعض كلام المرجاني في الرّدّ عليه (٢).

وناقش الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تقسيم ابن كمال لفقهاء الحنفية واعترض عليه في عدد من النقاط، وقرر ما يلي:

"إن أبا يوسف ومحمدًا والأصحاب من طبقة المجتهد المطلق، وعليه فليس لهذه الطبقة التي مثّلت بهم من وجود في المذهب الحنفي.

إن الفرق بين الطبقتين الثالثة والرابعة فرق دقيق لا يكاد يستبين، ومن عدهما طبقة واحدة لا يعدو الحقيقة.

إن التفرقة بين الطبقة الخامسة (طبقة المرجّحين) وسابقتها، ليست واضحة، وإنه لكي تكون الأقسام متميزة غير متداخلة يجب حذف طبقة من هذه الطبقات


(١) انتهى كلام المرجاني باختصار، انظر: "حسن التقاضي" ص ٨٩ - ٩٢.
(٢) "النافع الكبير شرح الجامع الصغير"، للكنوي، ص ١١، ١٢.

<<  <   >  >>