للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة *، وإن قال دراهم فهي ثلاثة إلا أن يبين أكثر منها، وإن قال كذا كذا درهم لم يصدق في أقل من أحد عشر درهمًا، وإن قال له علي كذا وكذا درهما لم يصدق في أقل من إحدى وعشرين درهمًا، وإذا قال له علي أو قِبَلي فقد أقر بدَين، وإن قال عندي فهو إقرار بأمانة في يده، وإذا قال له رجل: لي عليك ألف درهم فقال اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار، ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقَرّ له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حالًا واستحلف المقر له على الأجل، ومن أقر واستثنى متصلًا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي سواء استثنى الأقل أو الأكثر *، فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء، وإن قال له علي مئة درهم إلا دينارًا أو إلا قفيز حنطة لزمه مئة درهم إلا قيمة الدينار أو القفيز *، وإن قال له علي مئة ودرهم فالمئة

ذلك عند الغنيّ قليل، وكما أن المئتين مال عظيم في حكم الزكاة، فالعشرة مال عظيم في حقّ قطع السرقة وتقدير المهر بها، فيقع التعارض فوجب الرجوع إلى حال الرجل فيما يبيّنهُ" انتهى. وهذا مطلقٌ كما ترى، ووقع في "التحفة" و "البدائع" في اعتبار الغنى والفقر خلافُ هذا فقال: "وقيل يعتبر حال المقر، إن كان غنيًا يقع على ما يستعظم عند الأغنياء، وإن كان فقيرًا يقع على النصاب" (١).

قلت: ما صحّحه الإسبيجابي أنظرُ عندي، وكثيرٌ من الناس لا يعرف مقدار النصاب ليستعظمه! والله أعلم.

قوله: (فإن قال: "دراهم كثيرة"، لم يُصدَّق في أقلّ من عشرة)، قال في "الهداية" (٢): "هذا عند أبي حنيفة، وعندهما لم يصدق في أقل من مئتين" واعتمد قولَ الإمامِ النسفيُّ والمحبوبي وصدر الشريعة.

قوله: (سواءٌ استثنى الأقلّ أو الأكثر)، قال في "الينابيع": "المذكور إنما هو قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: إن استثنى الأكثر بطل استثناؤه ولزمه جميع ما أقرّ به"، وقال في "المحيط": "هو رواية عن أبي يوسف" فلذلك كان المعتمد على ما في "الكتاب" عند الكل، والله أعلم.

قوله: (وإن قال: "له علي مِئةُ درهم إلا دينارًا" أو: "إلّا قفيزَ حنطة" لزمه مئة درهم إلا قيمةَ الدينار والقفيز)، قال الإسبيجابي: "وهذا استحسان، أخذ


(١) هذا لفظ "تحفة الفقهاء" ٣/ ١٩٨، وفي "البدائع" - حول هذا المعنى -: "وقيل إن كان الرجل غنيًا يقع على ما يستعظم عند الأغنياء، وإن كان فقيرًا يقع على ما يستعظم عند الفقراء". (بدائع الصنائع ٧/ ٢٢٠).
(٢) ٣/ ١٧٧.

<<  <   >  >>