للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل، فإن هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن، وله أن يحبسه حتى يستوفي الثمن، فإن حبسه فهلك كان مضمونًا ضمان الرهن عند أبي يوسف، وضمان المبيع عند محمد *، فإذا وكل رجلين فليس لأحدهما أن يتصرف فيما وكلا فيه دون الآخر إلا أن يوكلهما بالخصومة أو بطلاق زوجته بغير عوض أو بعتق عبده بغير عوض أو برد وديعة عنده أو بقضاء دين عليه، وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به إلا أن يأذن له الموكل أو يقول له اعمل برأيك، فإن وكل بغير إذن موكله فعقد وكيله بحضرته جاز، وإن عقد بغير حضرته لم يجز، فإن أجازه الوكيل الأول جاز. وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة فإن لم يبلغه العزل فهو على وكالته وتصرفه جائز حتى يعلم. وتبطل الوكالة بموت الموكل وجنونه جنونًا مطبقًا، ولحاقه بدار الحرب مرتدًا، فإذا وكل المكاتب ثم عجز، أو المأذون فحجر عليه أو الشريكان فافترقا، فهذه الوجوه تبطل الوكالة علم الوكيل أو لم يعلم، وإذا مات الوكيل أو جُنّ جنونًا مطبقًا * بطلت وكالته، وإن لحق بدار الحرب * مرتدًا لم يجز له التصرف إلا أن يعود مسلمًا. ومن وكل بشيء ثم تصرف بنفسه فيما وكل به

المعاوضات لا في الهبات والإعتاق، وعليه الفتوى" (١).

- "ما صنعتَ في عبيدي فهو جائز، فأعتق الكلَّ جاز، وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز، وعليه الفتوى" (٢).

قوله: (كان مضمونًا ضمانَ الرّهن عند أبي يوسف، وضمانَ المبيع عند محمد)، وذكر في "الجامع" قول أبي حنيفة مع محمد، ورُجِّح دليلُهما في "الهداية" (٣)، واعتمده المحبوبي والنسفي والموصلي وصدر الشريعة.

قوله: (جنونًا مُطْبِقًا)، حَدَّه محمد بسَنةٍ، قال في "الاختيار" (٤): "وهو الصحيح" (٥).

قوله: (وإن لحق بدار الحرب)، قالوا هذا قول أبى حنيفة (٦)، واعتمده النسفي والمحبوبي.


(١) ذكره الناطفي رحمه الله تعالى، كما في "فتاوى قاضي خان" ٣/ ٢.
(٢) ذكره قاضي خان في "فتاواه" ٣/ ٣، عن أسد بن عمرو وأبي الليث الكبير رحمهما الله.
(٣) ٣/ ١٣٩.
(٤) ٢/ ١٦٣.
(٥) قال قاضي خان: "وأبو يوسف رحمه الله تعالى، أولاً قدره بأكثر من يوم وليلة، ثم رجع وقدّره بأكثر السنة". ("الفتاوى الخانية" ٣/ ١٦)، وفي "البدائع" ٦/ ٣٨: "أن أبا يوسف حده بما يستوعب الشهر".
(٦) قال المرغيناني رحمه الله تعالى: "وهذا عند محمد رحمه الله، فأما عند أبي يوسف رحمه الله لا تعود الوكالة". (الهداية ٣/ ١٥٠).

<<  <   >  >>