للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبيل أو رباطًا، أو جعل أرضه مقبرة لم يزل ملكه عن ذلك عند أبي حنيفة حتى يحكم به الحاكم *، وقال أبو يوسف: يزول ملكه بالقول *، وقال محمد: إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقبرة زال الملك *.

الصلاة إنما تشترط لأجل القبض للعامّة وقبضه لا يكفي، فكذلك صلاته. ولو بنى مسجدًا وسلم إلى المتولي، هل يصير مسجدًا قبل أداء الصلاة؟ لا رواية فيه عن أصحابنا، واختلف المشايخ فيه، قال بعضهم يصير مسجدًا ويتم كما تتم سائر الأوقاف بالتسليم إلى المتولي، وقال بعضهم: لا يصير مسجدًا بالتسليم إلى المتولي، وهو اختيار شمس الأئمة؛ لأن قبض كل شيء يكون بما يليق به، كقبض الخان بنزول واحد من المارة فيه بإذنه"، انتهى.

واستفدنا منه أن ما عن محمد روايةٌ عن أبي حنيفة وهو الصحيح، وأن عند أبي يوسف الإذن بالصلاة مع قوله جعلته مسجدًا، وهو زيادة على ما في "الكتاب" (١).

قوله: (ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانًا يسكنه بنو السبيل أو رباطًا، أو جعل أرضَه مقبرة لم يزُل مِلكه عن ذلك عند أبي حنيفة حتى يحْكم به حاكم)، كما في الوقف على الفقراء، بخلاف المسجد فإنه لا يحتاج إلى الحكم.

قوله: (وقال أبو يوسف: يزول مِلكه بالقول) كما هو أصله.

قوله: (وقال محمد إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقْبُرة زال الملك)؛ لأن التسليم عنده شرط وتسليم هذه بما ذكر، ويكتفى بالواحد في التسليم الموجب لزوال الملك، وقد علمتَ أن المتأخرين اختاروا قول محمد في اشتراط التسليم (٢)، والله أعلم.


(١) أي كتاب القدوري، والله تعالى أعلم.
(٢) انظر ما نص عليه المرغيناني وقاضي خان ص ٢٩٠.

<<  <   >  >>