للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملكه عنه بقوله جعلته مسجدًا، * ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانًا ليسكنه بنو

وقال أبو يوسف يزول ملكه عنه بقوله جعلته مسجدًا)، قال في "الهداية" (١): "أما الإفراز فلأنه لا يخلص لله تعالى إلّا به، وأما الصلاة فيه فلأنه لا بد من التسليم عند أبي حنيفة ومحمد"، وقال قاضي خان (٢): "قال محمد - وهو قياس قول أبي حنيفة -: لا يزول ملكه قبل التسليم وبه أخذ شمس الأئمة السرخسي".

قلت: فاستفدنا موافقة شمس الأئمة لمن تقدم في اشتراط التسليم. قال في "الهداية" (٣): "ثم تكفي صلاة الواحد فيه، في رواية عن أبي حنيفة، وكذا عن محمد .. وعن محمد أنه يشترط الصلاة بالجماعة"، وقال قاضي خان (٤): "وعن أبي حنيفة فيه روايتان، في رواية الحسن عنه يشترط أداء الصلاة بالجماعة بإذنه، اثنان فصاعدًا، كما قال محمد، وفي رواية (٥) أخرى عن أبي حنيفة: إذا صلى [فيه] واحد بإذنه يصير مسجدًا، إلا أن بعضهم قالوا: إذا صلى فيه واحد بأذان وإقامة، وفي ظاهر الرواية لم يذكر هذه الزيادة .. والصحيح رواية الحسن؛ لأن قبض كل شيء وتسليمه يكون بحسب ما يليق به، وذلك في المسجد بأداء الصلاة بالجماعة، أما الواحد يصلي في كل مكان.

وعلى قول أبي يوسف: التسليم ليس بشرط لا في المسجد ولا في غيره من الأوقاف، فإذا قال: جعلت هذا مسجدًا وأذن للناس بالصلاة فيه يتم ذلك. ثم على الرواية التي لا يشترط أداء الصلاة بالجماعة عند أبي حنيفة إذا بنى مسجدًا وصلى هو فيه وحده هل يصير مسجدًا؟ اختلفوا فيه قال بعضهم: يصير مسجدًا لأن محمدًا ذكر في "الكتاب" أن على قول أبي حنيفة لا يصير مسجدًا حتى يُصلَّى فيه، وقوله ([حتى] يُصلّى فيه) فعل ما لم يسمَّ فاعله، فيدخل فيه الباني وغيره، وقال بعضهم صلاته لا تكفي، وهو الصحيح؛ لأن


(١) ٣/ ٢١.
(٢) "الفتاوى" ٣/ ٢٨٩، ٢٩٠.
(٣) ٣/ ٢١.
(٤) "الفتاوى الخانية" ٣/ ٢٩٠.
(٥) في "الفتاوى": "وقال محمد رحمه الله تعالى في رواية أخرى عن أبي حنيفة .. ".

<<  <   >  >>