للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا بنى مسجدًا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن للناس في الصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال عند أبي حنيفة ملكه، وقال أبو يوسف: يزول

أحدهما: أن تأويل ذلك أن يكون شَرَطَ الولاية لنفسه ثم سلمها إلى المتولي فإن الولاية تكون له ..

والآخر: أن معنى قول محمد "إن شرط الولاية لنفسه فهي له" أنه إذا شرط الولاية لنفسه يسقط شرْط التسليم عند محمد أيضًا لأن شروط الواقف تراعى، ومن ضرورته سقوط التسليم، قال السِّغْناقي في "النهاية" (١): "كذا وجدت في موضع بخط ثقة" انتهى.

قلت: فعلى هذا مسألة "الكتاب" لا خلاف فيها وإنما الخلاف فيما إذا لم يشترط، وعلى الجواب الأول إنه لا يستغني عن التسليم مع الشرط.

[وقد بيّن شمس الأئمة في "شرح السير الكبير" معنى شرط الولاية بما يسقط معه الإشكال فيستغنى عن الجواب بوجهه فقال: ولو دفعه إلى قيّم وشرط أنه إن مات القيم قبله فله أن يقيم فيه من أحبّه، جاز الشرط والحبس لأنَّه أخرجه من يديه بهذا الشرط فيراعى كشرط آخر، ولم يمنع هذا الشرط إخراجه من يديه فتم الحبس، ولا يبطل بعوده إلى يده كيد غيره، وكذا لو شرط قيّمًا بعد قيم فذلك إليه، وليس للقيم الأول أن يجعله لغير من شرطه له الحابس، كما اعتبر شرطه في القيم الأول فيتعيّن في غيره، وهكذا وقوف السلف رحمهم الله، ولأن مثل هذا الشرط في ولاية السلطنة والإمارة] (٢).

وقد تقدم اختيار المتأخرين لقول محمد، والله أعلم.

قوله: (وإذا بنى مسجدًا لم يزُل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه، ويأذن للناس في الصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال ملكه عند أبي حنيفة،


(١) السِّغْناقي هو حسين بن علي بن حجاج، الملقب بحسام الدين، الإمام الفقيه. تفقه على الإمام محمد بن محمد بن نصر البخاري وفوض إليه الفتوى وهو شاب. شرح الهداية وسمى الشرح: "النهاية"، توفي - رحمه الله - بحلب سنة ٧١٠. (الجواهر المضية ٢/ ١١٤ - ١١٦، رقم ٥٠٧، تاج التراجم ص ١٦٠ رقم ٩٦، كشف الظنون ٢/ ٢٠٣٢، وجاءت نسبته في هذه المصادر هكذا: الصغناقي، وانظر الفوائد البهية ص ١٠٦ رقم ١١٨).
(٢) هذه الفقرة زيادة من النسخة المصرية (جـ).

<<  <   >  >>