للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا اختلط بالدواء* وهو الغالب تعلق به التحريم، وإذا حلب اللبن من المرأة بعد موتها فأوجر الصبي به تعلق به التحريم، وإن غلب لبن الشاة لم يتعلق به التحريم، وإذا اختلط لبن المرأتين تعلق التحريم بأكثرهما عند أبي يوسف، وقال محمد: بهما*، وإذا نزل للبكر لبن فأرضعت به صبيًا تعلق به التحريم، وإن نزل لرجل لبن فأرضع صبيًا لم يتعلق به التحريم، وإذا شرب صبيان من لبن شاة فلا رضاع بينهما، وإذا تزوج الرجل صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمتا على الزوج، فإن كان لم يدخل على الكبيرة فلا مهر لها وللصغيرة نصف المهر، ويرجع به الزوج على الكبيرة إن كانت تعمدت به الفساد، وإن لم تتعمد فلا شيء عليها، ولا تقبل في الرضاع شهادة النساء منفردات وإنما يثبت بالشهادة من رجلين أو رجل وامرأتين.

من المشايخ إن عدم إثبات أبي حنيفة الحرمة واللبنُ غالب، هو إذا لم يكن متقاطرًا عند رفع اللُّقْمة، أما معه فيحرم اتفاقًا. وقد رجحوا دليل الإمام ومشى على قوله المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة.

قوله: (وإذا اختلط بالدَّواء)، قال القاضي (١): "ولا يحصل بالحقنة في ظاهر الرواية، وعن محمد يحصل بالاحتقان".

قوله: (إذا اختلط لَبَنُ امرأتين تعلق التحريم بأغلبهما عند أبي يوسف، وقال محمد: يتعلق بهما)، قال في "الهداية" (٢): "وعن أبي حنيفة في هذا روايتان"، ومشى على قول أبي يوسف الإمام المحبوبي والنسفي، وَرَجَّحَ قولَ محمد الطحاويُّ (٣)، وفي "شرح الهداية" (٤): "وكأن مَيْل المصنف إلى ما قال محمد حيث أخر دليله، فإن (٥) الظاهر أن من تأخر كلامه في المناظرة كان القاطع للآخِر، وأصله أن السَّكوت ظاهر في الانقطاع (٦)، ورجّح بعض المشايخ قول محمد أيضًا، وهو ظاهر".

قلت: وقوله هو الأحْوَط في باب الحرمات، والله أعلم.


(١) في نسخة (جـ و د): "قال قاضي خان"، وانظر "الفتاوى الخانية" ١/ ٤١٧، ٤١٨.
(٢) ١/ ٢٥٩.
(٣) انظر "مختصر الطحاوي" ص ٢٢٢.
(٤) "فتح القدير" لابن الهمام ٣/ ٤٥٤. (دار الفكر).
(٥) المثبت من (جـ) و"فتح القدير"، وفي (١): "لأن".
(٦) ومِن أبيات العلامة ابن عابدين في رسم المفتي ١/ ٣٧ في ذلك:
وسابق الأقوال في الخانية … وملتقى الأبحر ذو مزية
وفي سواهما اعتمد ما أخروا … دليله لأنه المحرر
كما هو العادة في "الهداية" … ونحوها لراجح الدراية

<<  <   >  >>