للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملكه لم يحد قاذفه والملاعنة بولد لا يحد قاذفها"، ومن قذف عبدًا أو أمة أو كافرًا بالزنا أو قذف مسلمًا بغير الزنا فقال يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث عُزّر، وإن قال يا حمار ويا خنزير لم يعزر*. والتعزير أكثره تسعة وثلاثون سوطًا وأقله ثلاث جلدات، وقال أبو يوسف يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطًا*، وإن رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل، وأشد الضرب التعزير ثم حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف،

قوله: (والملاعنة بولد لا يُحَدّ قاذفها)، قال الإسبيجابي: "وعن أبي يوسف أنه يحدّ (١)، والصحيح قولهما"، وعليه مشى الأئمة المحبوبي والنسفي وغيرهما.

قوله: (وإن قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزّر)، هذا ظاهر الرواية وقال أبو جعفر: يُعَزّر، وقيل: إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء والعلَويّة يعزّر، قال في "الهداية": "وهذا حسن" (٢).

قوله: (والتعزير أكثرهُ تسعة وثلاثون سوطًا، وأقله ثلاث جَلْدات، وقال أبو يوسف: يبلغ بالتعزير خمسةَ وسبعين سوطًا). وفي "مختصر الكرخي": "قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وزفر: لا يبلغ بالتعزير أربعين سوطًا، قال أبو يوسف عن أبي حنيفة: في حُرّ ولا عبد ولا أمة، وروى بشر (٣) عن أبي يوسف في مسألة تاريخُها: ربيع الأول سنة ثمان وسبعين ومئة، قال أبو حنيفة: لا أبلغ بالتعزير في الحُرّ ولا العبد ولا المرأة أربعين سوطًا"، قال في "التقريب": "وعن يعقوب: إن أكثره خمسة وتسعون سوطًا، كذا روي عن علي، فاعتبر أعلا الحدود ونقص عنه خمسة، وروي عنه أنه على ما يراه الإمام، وقال الطحاوي عنه: إنه على ما يراه الإمام إلا أنه لا يبلغ به الحد، وروى بشر عنه أنه أقل من ثمانين، وروى ابن سماعة عنه: أنه على قدر ما يراه الإمام في ذلك النوع".

قلت: وكله مقيد بما دون الحد كما صرح به الكرخي فقال: وقال أبو يوسف في التعزير على قَدْر عِظَم الجُرم وصغره، وعلى قدر ما يرى الحاكم


(١) في (ب): "لا يحد" خطأ من الناسخ.
(٢) "الهداية" ٢/ ٤٠٥ وفيه: "وهذا أحسن".
(٣) هو بشر بن غياث بن عبد الرحمن المريسي المتكلِّم، له تصانيف وروايات كثيرة عن أبي يوسف، مات سنة ٢٢٨ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ١/ ٤٤٧ - ٤٥٠ رقم ٣٧٠، تاج التراجم ص ١٤٢، ١٤٣ رقم ٧٨، الفوائد البهية ص ٩٣، ٩٤ رقم ٩٦).

<<  <   >  >>