للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علم ذلك أن لا يشهد بالألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمس مئة، وإذا شهد شاهدان أن زيدًا قتل يوم النحر بمكة وشهد آخر أنه قتل يوم النحر بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم تقبل الشهادتين، فإن سبقت إحداهما وقضى بها ثم حضرت الأخرى لم تقبل، ولا يسمع القاضي الشهادة على الجرح ولا يحكم بذلك حتى تحقق، ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القاضي * فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبر بها من يثق به، والشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا تسقط بالشبهة، ولا تقبل في الحدود والقصاص، وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين ولا

قوله: (ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القاضي)، قال القاضي (١): "وعن أبي حنيفة: إذا شهد واحد عدل بموت رجل وقال: أنا عاينت موته، حل له أن يشهد على موته"، والصحيح (٢) أن الموت بمنزلة النكاح وغيره، لا يكتفى فيه بشهادة الواحد، وفي "المحيط": "وطريق معرفة التسامع أن يسمع من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف [ومحمد] (٣) إذا [أ] خبره عدلان تحل له الشهادة، والفقيه أبو بكر الإسْكاف (٤) كان يفتي بقولهما، وهو اختيار نجم الدين النسفي". وفي "الفصول": (٥) "والاستفاضة عندهما بخبر عدلين يشترط أن يكون الإخبار بلفظة الشهادة"، كذا ذكر [هـ] الخصاف وشيخ الإسلام خُواهَر زاده، وبه أخذ الصدر الكبير برهان الأئمة، قال صاحب الفصول: "شرط لفظة الشهادة في الأشياء الثلاثة على البتات هنا، وفي العدة لا على البتات، فقال: ينبغي أن يشهد عنده بلفظة الشهادة حتى يجوز له الشهادة بالتسامع"، وفي "الظهيرية" أن الاشتهار الشرعي أن يشهد عنده عدلان أو رجل وامرأتان بلفظة الشهادة من غير استشهاد ويقع في القلب أن الأمر كذلك.

فروع: إذا سمعوا صوت امرأة من وراء حجاب، إن رأوا شخصها وشهد عندهم عدلان أنها فلانة جاز لهم أن يشهدوا على إقرارها، وهو اختيار أبي


(١) ينظر" الفتاوى الخانية" ٢/ ٤٨٤.
(٢) لم أجد في "الفتاوى" هذا التصريح بالتصحيح.
(٣) زيادة من نسخة (جـ).
(٤) هو محمد بن أحمد أبو بكر الإسكاف، إمام كبير جليل، أستاذ أبي جعفر الهندواني. مات سنة ٣٣٦ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٣/ ٧٦، ٤/ ١٥، رقم ١٨٧٩).
(٥) هو - والله أعلم - "فصول العمادي"، مرتب على أربعين فصلًا، في المعاملات فقط. (كشف الظنون ٢/ ١٢٧٠، ١٢٧١). وانظر هامش "الجواهر المضية" ٤/ ٧٤.

<<  <   >  >>