للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا اختلف المتقاسمون فشهد القاسمان قلت شهادتهما * فإن ادعى أحدهما الغلط وزعم أن مما أصابه شيء في يد صاحبه وقد أشهد على نفسه بالاستيفاء لم يصدق على ذلك إلا ببينة، وإن قال استوفيت حقي ثم قال أخذت بعضه، فالقول قول خصمه مع يمينه، وإذا قال أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء وكذبه شريكه تحالفا وفسخت القسمة، وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القسمة عند أبي حنيفة، ويرجع بحصة ذلك من نصيب شريكه، وقال أبو يوسف تفسخ القسمة*.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: يقسم بالذرع، ثم اختلفا في كيفية القسمة بالذرع، قال أبو حنيفة: ذراع من سفل بذراعين من علو، وقال أبو يوسف: ذراع بذراع، قيل أجاب كل واحد منهم (١) على عادة أهل عصره أو بلده، وقيل اختلاف معنى، قال الإسبيجابي: "والصحيح قول أبي حنيفة، لأن السفل له منفعتان السكنى والحفر، والعلو منفعة واحدة وهو السكنى".

قلت: هذا التصحيح بالنسبة إلى قول أبي يوسف كما يعطيه الدليل.

والمشايخ اختاروا قول محمد لما ذُكر له من أنه لا يمكن التعديل، قال في "التحفة" (٢) و"البدائع" (٣): "والعمل في هذه المسألة على قول محمد"، وقال في "الينابيع" و"الهداية" (٤) و"شرح الزاهدي" و"المحيط": "وعليه الفتوى اليوم".

قوله: (وإذا اختلف المتقاسمون فشهد القاسمان قبلت شهادتهما)، قال في "الهداية" (٥): "الذي ذكره قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا تقبل، وهو قول أبي يوسف أولًا، وبه قال الشافعي، وذكر الخصاف قول محمد مع قولهما. وقاسِما القاضي وغيرهُما سواء"، وقال جمال الإسلام: "الصحيح قول أبي حنيفة"، وعليه مشى الإمام البرهاني والنسفي وغيرهما.

قوله: (وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القسمة عند أبي حنيفة ويرجع بحصة ذلك من نصيب شريكه، وقال أبو يوسف تفسخ) القسمة)، قال في "الهداية" (٦) والزاهدي: "ذكر المصنف الاختلاف في


(١) في (جـ): "منهما".
(٢) "تحفة الفقهاء" ٣/ ٢٨٣.
(٣) "بدائع الصنائع" ٧/ ٢٧، وزاد فيه: "وهو اختيار الطحاوي رحمه الله".
(٤) ٤/ ٣٢٧.
(٥) ٤/ ٣٢٧
(٦) ٤/ ٣٢٨، ٣٢٩.

<<  <   >  >>