وجدوه من الطعام ويستعملوا الحطب ويدهنوا بالدهن ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح كل ذلك بغير قسمة *، ولا يجوز أن يبيعوا من ذلك شيئًا ولا يتمولونه، ومن أسلم منهم أحرز بإسلامه نفسه وأولاده الصغار وكل مال هو في يده أو وديعة في يد مسلم أو ذمّي فإن ظهرنا على الدار فعقاره فيء وزوجته وحملها فيء وأولاده الكبار فيء، ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب ولا يجهز إليهم ولا يفادون بالأسرى عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: يفادى بهم أسرى المسلمين*، ولا يجوز المنّ عليهم فإذا فتح الإمام بلدةً عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمها بين الغانمين وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الخراج، وهو في الأسرى بالخيار إن شاء قتلهم وإن شاء استرقهم وإن شاء تركهم أحرارًا ذمة للمسلمين ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب، وإذا أرادوا العود ومعه مواش ولم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحوها وحرقوها ولا يعقروها ولا يتركوها، ولا تقسم غنائمهم في دار الحرب حتى يخرجوها إلى دار الإسلام، والردء والمقاتل في العسكر سواء، وإذا لحقهم مدد في دار الحرب قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام يشاركوهم فيها، ولا حق لأهل سوق العسكر في الغنيمة إلا أن يقاتلوا.
وإذا آمن رجل حر أو امرأة حرة كافرًا أو جماعة أو أهل حصن أو مدينة صح أمانهم، ولا يجوز لأحد من المسلمين قتلهم إلا أن يكون في ذلك مفسدة فينبذ إليهم الإمام، ولا يجوز أمان ذمي أو أمان أسير ولا تاجر يدخل إليهم، ولا يجوز أمان العبد عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال، وقال محمد: يصح أمانه*، وإذا غلب التُرك على الروم
الحاجة، وفي الإباحة بغير حاجة روايتان".
قوله:(ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح، كل ذلك بغير قسمة)، الزاهدي: "تأويله إذا احتاج إليه، بأن لا يكون له سلاح ثم يرده إلى المغنم إذا استغنى عنه، وكذا الثياب".
قوله:(ولا يفادي بالأسرى عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد يفادي بهم أسرى المسلمين)، قال الإسبيجابي: "الصحيح قول أبي حنيفة"، واعتمده المحبوبي والنسفي وغيرهما، قال الزاهدي: "والمفاداة بالمال لا تجوز في ظاهر المذهب" (١).
قوله:(ولا يصح أمان العبد عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال، وقال أبو يوسف ومحمد: يصح أمانه)، قال الإمام جمال الإسلام:
(١) وفي حاشية الأصل العبارة التالية: "المفاداة بالمال لا تجوز، لكن بأسرى المسلمين تجوز، تدبر". قلت: وقد عُلم أنه قول الصاحبين، وأن الإسبيجابي جعل الصحيح قول أبي حنيفة.