للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاكمين، فلا يُعمل بالمرجوح في مقابلة الراجح اتباعًا لرأي قد يقوده الهوى.

وكان على من استشرف في نفسه الملكة الفقهية، والقدرة على الاجتهاد أو استحضار أقوال المجتهدين وأصحاب الترجيح، أن يفرد كتابًا بالتصنيف يبرز فيه هذا النوع من المسائل تيسيرًا للطلاب المبتدئين، وتقريبًا للعلماء المتفقّهين "وإنْ كان ذلك موجودًا في الشروح والمطوْلات، إلا أنهم أسعفوا بذلك من لم يصل إلى تلك" (١).

وبالفعل؛ كان أوّل من سبق إلى هذا النوع من الدراسة المتخصّصة في المذهب الحنفي (٢) هو العلامة الفقيه المحدّث الشيخ قاسم بن قُطْلُوبُغا رحمه الله تعالى، حيث ألّف كتابه هذا: "التصحيح والترجيح"، وجمع فيه مختلف الأبواب الفقهية تبعًا لمسائل "مختصر القدوري"، مصحّحًا القولَ المعتمد، وذلك وَفْق منهج ذكره في تقدمته للكتاب، مع زيادات وتعليقات وتحقيقات. .

ولقد رأيت من واجبي - وأنا أخدم كتابًا في الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة، - رضي الله عنه - - أن أصدِّره بدراسة أذكر فيها بعض مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان، وكيف دُوّن مذهبه. . وطبقاتِ الفقهاء في المذهب الحنفي، وأنواع المسائل فيه، ثم الكلام على مختصر القدوري إذ هو الأصل الذي اعتمد عليه مصنف "التصحيح والترجيح" للتعليق على مسائله الخلافية، وهو ما شكّل المدخل للكتاب.

ثم أتبعت هذا المدخل بدراسة حول الكتاب وقسمتها إلى ثلاثة فصول:

الفصل الأول؛ ترجمت فيه للشيخ قاسم بن قطلوبغا ترجمة موسعة، وذكرت مكانته بين العلماء، كما فصّلت القول في بيان كتبه ورسائله.

ثم الفصل الثاني، وهو دراسة علميّة لكتاب "التصحيح والترجيح"، وفيه ثلاثة مباحث؛ المبحث الأول: أهمية كتاب التصحيح، والمبحث الثاني: حول مسألة الترجيح في المذهب الحنفي، والمبحث الثالث: منهج المؤلف في كتابه.


(١) من مقدّمة المؤلف، ص ١٣٢.
(٢) يشير المصنف رحمه الله تعالى في أواخر مقدمته ص ١٣٢، إلى أنه وضع هذه التصحيحات، تأسّيًا بما فعله الأئمة من الشافعية لمختصراتهم، وقد ذكرت أمثلة على ذلك عند التعليق على الموضع المذكور من المقدمة.

<<  <   >  >>