للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدرك بهلول (١) بن حمزة الصوفي المجنون، فإن كان هذا بهلول الذي لقي الرشيد، فلا يبعد، لجواز أن يكون طويل العمر، وقصته: أن الرشيد حج سنة ثمان وثمانين ومائة، وكان بهلول حج في تلك السنة أيضا، فلما لقيه قال: يا أمير المؤمنين حدثني عمرو بن عبد الله العامري، وقال: رأيته (صلى الله عليه وسلم) حج على جمل وتحته رحل رث ولم يكن بين يديه ضرب ولا طرد ولا إليك إليك، ثم انشأ يقول:

هب أنك قد ملكت الأرض طرا … ودانت لك العباد فكان ماذا

أليس غدا مصيرك جوف قبر … ويحثوك التراب هذا ثم هذا

قال: أجدت يا بهلول، هل غير هذا؟ قال: نعم، من رزقه الله مالا وجمالا، فعف من جماله، وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار، فظن الرشيد أنه يستجدي، فأمر له بمال، وقال: تقضي به دينك.

فقال: لا يقضى دين بدين، أن الذي أعطاك لا ينساني، ثم قال: توكلت على الحي الذي لا يموت، وما أرجو سوى الله، وما الرزق من الناس بل من الله.

وقد نظم بعضهم (٢):

غدا مذهب النعمان خير المذاهب … كذا القمر الوضاح خير الكواكب

تفقه من خير القرون مع التقى … فمذهبه لا شك خير المذاهب

ثلاثة آلاف وألف شيوخه … وأصحابه مثل النجوم الثواقب


(١) هو: بهلول بن عمرو الصيرفي، أبو وهيب، من عقلاء المجانين، له أخبار ونوادر وشعر، ولد ونشأ بالكوفة، واستقدمه الرشيد وغيره من الخلفاء لسماع كلامه، كان من منشئه من المتأدبين، ثم وسوس فعرف بالمجنون، توفي سنة (١٩٠ هـ‍ /٨٠٥ م)
ينظر الجاحظ‍، أبو عثمان عمرو بن بحر (ت ٢٥٥ هـ‍ /٨٦٨ م) البيان والتبيين، تحقيق: عبد السلام محمد هارون (ط‍ ١، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة،١٣٦٨ هـ‍ / ١٩٤٩ م) ٢/ ٢٣٠.
(٢) الأبيات في: الكردري، المناقب:١/ ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>