للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يحضر مناظرات الفقهاء، ويكرهون حضوره لكثرة حفظه، فحضر يوما جنازة، وحضر أبو المنهال، وكان عظيم الجاه، رفيع القدر، فسأله عن مسألة فأخطأ، ثم ثانية، ثم ثالثة، فقام ابن زر زور قائما على قدميه، ثم كبر، وصلى عليه كما يصلي على الأموات، وقال: أنت أولى أن يصلي عليك من هذا الميت، وقيل:

إنه فعل ذلك بالقاضي سليمان (١) بن عمران، فلما تغير عقله وجد إليه سبيلا، فحجر عليه، ثم بعث يوما إليه يخيره في تزويج امرأة أو شراء جارية، وفي أشياء من أسبابه، فقال للرسول: جوابي يكون مشافهة، فأتاه فقال له: إن رسولك أتاني عنك، فخيرني في كذا وكذا، قال: نعم فما الذي تشاء؟ قال أفأتكلم ولي الأمان؟ قال: نعم، قال: إن كنت خيرتني وأنا عندك سفيه، فقد أخطأت إذ خيرتني، وإن كنت رشيدا غير سفيه، فقد أخطأت في حجرك عليّ، ثم قال: الله أكبر أربع مرات كما يصلي على الجنازة، وانصرف، فأطرق سليمان القاضي، ولم يتكلم.

قال ابن زر زور: سمعت مالك بن أنس يقول: طلب رزق فيه شبهة أحسن من الحاجة إلى الناس، فقلت: يا أبا عبد الله وأي شبهة هي؟ قال: ما قال فيها بعض أهل العلم: هو حرام، قال بعضهم: هو حلال.

مات سنة إحدى وتسعين ومئة.

٥٢٣ - محمد (٢) بن زياد النيسابوري البزديغريّ (٣)

أحد فقهاء أصحاب أبي حنيفة الزهاد.


(١) هو: سليمان بن عمران الحنفي، قاضي أفريقية، ولاه سحنون بن سعيد المالكي قضاء (باجة)، توفي سنة (٢٧٠ هـ‍ /٨٨٣ م).
ينظر: الدباغ، المعالم:٢/ ١٥١ - ١٥٨.
(٢) ترجمته في: السمعاني، الأنساب:١/ ٣٤٠، ياقوت الحموي، معجم البلدان:١/ ٦٠٤؛ ابن الأثير، اللباب:١/ ٨١٩؛ القرشي، الجواهر المضية:١٥٨،٣/ ١٥٧.
(٣) هذه النسبة إلى بزديغز، ويقال لها بزديغز بالزاي، وهي قرية من قرى نيسابورز
ينظر: السمعاني، الأنساب:١/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>