للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك لابن وهب، وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون ذلك عنه، فنفر عن ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل، وقال: كذبوا علي ألستم قوما عربا أو يكون الحرث إلا موضع النبت.

أقول: ولا يبعد الجمع بين نفي القول المذكور وإثباته، أن محل الثاني إذا كانت المرأة حائضا كما نقل شيخ مشايخنا السيوطي في «الدر المنثور» (١) روايات كثيرة عن بعض السلف، والله سبحانه وتعالى أعلم. وذكر (٢) الديلمي (٣) بإسناده إلى القاسم بن عدن العجلي: قيل للإمام: كيف اخترت حمادا؟ قال بتوفيق الله تعالى، تأملت في العلوم، فقلت: «الكلام» عاقبته سوء ونفعه قليل إن تبحر فيه لا يقدر على الكلام جهارا ويرمي بالهوى، وعاقبة الأدب مجالسه/٥ أ/الصبيان، وعاقبة الشعر التكدي بالمدح، وقول الجفاء والخناء وتمزيق الدين، وعلم القراءة بعد جمع الكثير منه في العمر الطويل مجالسة الأحداث، وربما يرمي بسوء الحفظ‍ فيلزمه ذلك، وعلم الفقه أولى به لمجالسة المشايخ والتخلق بأخلاقهم. ولا يستقيم أداء التكاليف إلا به، وحصول نجاح الدارين متعلق بكسبه، ولو نزلت نازلة في الحي احتاجوك بسببه، وإن تخليت للعبادة لم يقدر أحد أن يقول: تعبد بلا علم.

وبه إلى يحيى بن شيبان قال (٤): قال الإمام: كنت أعطيت جدلا في الكلام.

وأصحاب الأهواء في البصرة كثيرة، فدخلتها نيفا وعشرين مرة، وربما أقمت بها سنة ظنا أن علم الكلام أجل العلوم، فلما مضى مدة من عمري تفكرت وقلت:


(١) السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت ٩١١ هـ‍ /١٥٠٥ م). الدر المنثور (د. ط‍، دار الفكر، بيروت،١٩٩٣ م) ١/ ٦٣٨.
(٢) ينظر: الكردري، المناقب:١/ ١٢٠.
(٣) الديلمي: هو أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الهمذاني (ت ٥٠٩ هـ‍ /١١١٥ م) صاحب كتاب «الفردوس بما ثور الخطاب» مطبوع في دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٨٦ م، تحقيق: السعيد بن بسيوني زغلول.
(٤) ينظر: الكردري، المناقب:١/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>