للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر ابن خلكان (١): في ترجمة أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام، مولى عثمان بن عفان المعروف بالجبائي المعتزلي، يقال: إن أبا الحسن يعني الأشعري سأل أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة أخوة: أحدهم كان مؤمنا، برّا، تقيا، والثاني: كان كافرا، فاجرا، شقيا، والثالث: كان صغيرا، فماتوا فكيف كان حالهم؟

فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة؛ فقال الأشعري: إن أراد الصغير ان يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي: لا؛ لأنه يقال له: إن أخاك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعاتة الكثيرة، وليس لك تلك الطاعات، قال: فإن قال ذلك الصغير التقصير ليس مني فإنك ما أبقيتني، ولا أقدرتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول الباري جلّ وعلا: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت، وصرت مستحقا للعذاب الأليم؛ فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الكافر: يا إله العالمين كما علمت حاله علمت حالي، فلم راعيت مصلحته دوني؟ فانقطع الجبائي.

وهذه المناظرة دالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته، وخص آخر بنقمته، وأن أفعاله غير مقيدة بشيء من الأعراض، والعلل، ولا يسأل عما يفعل.

وفي الحديث القدسي، والكلام الأنسي «خلقت هؤلاء للجنة، ولا أبالي، وخلقت هؤلاء للنار ولا أبالي» (٢).

وحين ثبت له الإنتقال من الإعتزال، ولم ينقل أنه صار شافعيا، أو مالكيا، والغالب في المعتزلي أن يكون في الفروع حنفيا؛ ينبغي أن يذكر في طبقات الحنفية، على أن أبا حنيفة لا يفتخر بتقليده بل هو مفتخر بتقليده.


(١) ينظر: وفيات الأعيان:٤/ ٢٦٧ - ٢٦٩.
(٢) ينظر: الحاكم، المستدرك على الصحيحين:١/ ٨٥؛ الديلمي، الفردوس:٣/ ٤٢٢؛ الحسيني، إبراهيم بن محمد (ت ١١٢٠ هـ‍ -١٧٠٨ م)؛ البيان والتعريف (د. ط‍، دار الكتاب العربي، بيروت،١٤٠١ هـ‍) ٢/ ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>